"استهوته الشياطين في الأرض حيران".. متى نشعر بالخيبة وكيف ننجو منها؟
بقلم |
أنس محمد |
الاحد 29 سبتمبر 2024 - 11:27 ص
خيبة الأمل من أشد المشاعر قسوة على النفس الإنسانية، حينما يضيع عمر الإنسان هدرًا دون فائدة، بعد أن ضيع وقته في أوهام، ملتحفًا بشبابه وحيويته، أو ماله وسلطته، ليفاجأ بعد هرمه بعجزه ووحدته، ليكتشف أن عشرات السنين التي قضاها في اللعب واللهو والسعي وراء المجهول، ماهو إلا خيبة أمل في نهاية الطريق.
وقد حذر الله تعالى من هذه الغفلة، في السعي وراء طرق الشياطين، واللعب واللهو، كما حذر ربنا تعالى من أن نمضي مع هؤلاء أو نسير في طرقهم الضالة، فقال تعالى في سورة الأنعام: "وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۚ وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَّا يُؤْخَذْ مِنْهَا ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا ۖ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70) قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۖ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71)
يقول ابن عباس: ( قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ) هذا مثل ضربه الله للآلهة ومن يدعو إليها، والدعاة الذين يدعون إلى الله ، عز وجل ، كمثل رجل ضل عن طريق تائها ضالا إذ ناداه مناد : " يا فلان بن فلان ، هلم إلى الطريق " ، وله أصحاب يدعونه : " يا فلان ، هلم إلى الطريق " ، فإن اتبع الداعي الأول ، انطلق به حتى يلقيه إلى الهلكة وإن أجاب من يدعوه إلى الهدى ، اهتدى إلى الطريق .
وقال ابن عباس: ( كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران ) هو الذي لا يستجيب لهدى الله ، وهو رجل أطاع الشيطان ، وعمل في الأرض بالمعصية ، وجار عن الحق وضل عنه ، وله أصحاب يدعونه إلى الهدى ، ويزعمون أن الذي يأمرونه به هدى ، يقول الله ذلك لأوليائهم من الإنس ، يقول ( إن هدى الله هو الهدى ) والضلال ما يدعو إليه الجن.
الاستجابة لغير الله
فالسعي وراء المجهول والاستجابة لغير الله تعالى تحولٌ وارتدادٌ ونكوص على الأعقاب وتقهقر إلى الوراء، وهذا يدل على التحول المذموم.
فمن أنقذه الله من الضلالة وهداه إلى الصراط المستقيم السوي فمن يقدر أن يضله بعد إذ هداه الله، والمثل المضروب في الآية الكريمة الذي يصور المرتد في أقبح حالة كانت تتصورها العرب، وذلك قوله تعالى: «كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران»، قال ابن عباس: أي مثل عابد الصنم مثل من دعاه الغول فيتبعه، فيصبح وقد ألقته في مضلة ومهلكة، فهو حائر في تلك المهامة، وروي أن هذه الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر كان يدعو أباه إلى الكفر وكان أبواه والمسلمون يدعونه إلى الإسلام.
فلا تكون كالذي غررت به الشياطين وأضلته في الأرض، ومن ثم صار في حيرة لا يهتدي إلى الطريق المستقيم، وله رفقة مهتدون يحاولون تخليصه من الضلال، قائلين له: ارجع إلى طريقنا السوي، فلا يستجيب لهم.