بعث الله النبي محمدا صلى الله عليه وسلم معلما ومؤدبا ومربيا لأمته بل للإنسانية كلها.. فلقد أتى ليتمم مكارم الأخلاق وهو القائل: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق..
ولهذا كان لنا فيه الأسوة الحسنة في أخلاقه وتعاملاته، قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً}.
الرفق في حياة النبي:
ومن أميز أخلاقه صلى الله عليه وسلم الرفق واللين ولم لا وهو القائل: "ما كان الرِّفْقُ في شيءٍ إلَّا زانَه، ولا نُزِعَ من شيءٍ إلَّا شانَه".
ولقد وصفه به سبحانه وتعالى في كتابه بقوله: " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ".
نماذج لرفق النبي:
ومن النماذج العطرة التي حفلت بها السيرة النبوية المعطرة لرفقه صلى الله عليه وسلم ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كنتُ أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم وعليه بُرْدٌ نَجْرَاني (نَوعٌ مِنَ الثِّياب نِسْبَة إلى نَجْران باليمن) غليظ الحاشية (غليظُ الجانب)، فأدركه أعرابي، فجبذه جبذة شديدة (فأمسكه من ثوبِه بشِدَّة)، حتى نظرتُ إِلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أَثَّرَتْ بها حاشية البرد، من شدة جَبْذته، قال: يا مُحمد، مُرْ لي من مال الله الذي عندك، فالتفتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أمر له بعطاء) رواه البخاري.
ماذا فعل النبي مع من تكلم في الصلاة؟
ومن رفقه صلى الله عليه وسلم ما جاء عن معاوية بن الحكم السُلمي رضي الله عنه قال: (بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ إذ عطس رجل من القوم، فقلتُ: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم (أسرعوا في الالتفات إلي، ونفوذ البصر فيَّ)، فقلتُ: واثكل أمياه (الثُّكل فقدان المرأة ولدَها، وحزنُها عليه لفقدِه، والمعنى: وَافَقْدَها لي فإنِّي هلكتُ)، ما شأنكم تنظرون إليَّ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت، فلما صلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي، ما رأيتُ معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله ما كهرني (ما انتهرني ولا عَبَس في وجهي) ولا ضربني ولا شتمني، قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن) رواه مسلم.