قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، إن أكثر ما يوجع الناس في الحياة هو المال، الذي يشكل 70 في المائة من أسباب التوتر النفسي وأمراض العصر.

لكنه شدد في الحلقة السادسة من برنامجه الرمضاني "الفهم عن الله – الجزء الثاني" على أنه يجب أن يكون لديك يقين فيما عند الله من مال ورزق، وأن رزقك مضمون لن ينقص مقدار ذرة واحدة، مما يدفعك دفعًا للسعي بإحسان في حياتك وأنت في قمة السكينة والطمأنينة. 

وفسّر خالد لماذا ربط النبي صلى الله عليه وسلم الرزق بالأجل؟، قائلاً: "ربنا كاتب لكل واحد منا مدة عمر.. تاريخ موت.. لا يمكن أن يتغير، فلابد أن تكون هناك آليات للبقاء حتى هذا التاريخ تكون مؤمّنة ومضمونة". 

وأوضح أن "خزائن الله يمكن أن يفتح لك في يوم واحد فتتغير حياتك، إذا أراد أن يرزقك ألهمك الوسائل والأساليب والموضوعات والمواقف والتحركات المناسبة للربح".

وبرأي خالد، فإن نصف الرزق يأتي نتيجة علاقات، وأن "البزنس" 80 في المائة علاقات، لهذا وصف العلاقات بأنها أهم من المهارة 100 مرة، "إذا أراد أن يرزقك وضع في طريقك إنسانًا يعرفك على صديق له هو باب رزقك". 

وضرب مثلاً على ذلك برجال أعمال يكشفون في أحاديثهم كيف حدثت طفرة المال، من خلال تعرفهم على أشخاص في حياتهم، فكان ذلك بالنسبة لهم مرحلة جديدة من الرزق، موضحًا أن معرفة هذا الشخص هو عمل الرزاق سبحانه.

وأكد خالد أن القرآن يتضمن أقوى طريقة تزود يقينك ويطمئن قلبك لرزقك المضمون، لافتًا إلى أن هناك ثلاث سور قرآنية تعلمك خطوات زيادة رزقك، وهي: 

وحذر من أن أخطر شيء أن ترى الرزق من منظور ضيق المال فقط، لأن الناس تميل عادة عندما تسمع كلمة الرزق إلى تفسيره على أنه المال، لكن المال آخر صفحة في كتاب الرزق، لو فهمت هذا المعنى لن يصيبك فقر أبدًا، لأنك في الحقيقة غني جدًا.

لذا، حث على توسيع فهم عقلك للرزق، حتى يتسع صدرك ويعطيك الطاقة لتحقق مالاً أفضل وأنت مطمئن إلى أنك فعلاً غني، وهذا هو سر سورة الواقعة. 

وبين أن الهدف من السورة أن هناك أنواعًا كثيرة من العطاء الرباني غير الرزق المادي، مشيرًا إلى أنها تحكي عن نوعين من الرزق: أرزاق الآخرة للمقربين وأصحاب اليمين، والثاني رزق قاس لأصحاب الشمال. لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من قرأها لا تصيبه فاقة"، لأنه غني نفسيًا، وكم من غني فقير نفسيًا.

أوضح خالد أن السورة كلها رموز للرزق، تبدأ بدورة الأرزاق الربانية والذاريات ذروًا"، الرياح تحمل البذور وتنقلها من مكان إلى آخر تمهيدًا للإنتاج والزراعة.. رمز المواد الخام والتجارة. 

"فالحاملات وقرًا"، السحب تحمل الماء الكثيف، ينزل على البذور التي حركها الرياح فينبت الخير الوفير. رمز العملية الإنتاجية (زراعة– صناعة).

"فالجاريات يسرًا"، السفن تحمل البضائع من المنتجات المزروعة لتوصيلها للمشتريين. رمز العملية التسويقية ،ونقل وشحن وبناء سفن ومخازن. 

"فالمقسمات أمرًا"، هي الملائكة الموكلة بتقسيم الأرزاق بعد هذه العملية الربانية.. كله من الرزاق.. من الأول الأخر.. هذه هي دورة الأرزاق الربانية. 

وعلق خالد قائلاً: "اجعل نفسك داخل هذه الدورة تجارة أو صناعة أو تسويقًا أو خدمات وبرمجه ومهندسين ومحامين ستجد الرزق الواسع". 

ولاحظ أن السورة وهي تتكلم عن الأرزاق انتقلت فجأة إلى الحديث عن الإحسان "إنهم كانوا قبل ذلك محسنين كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون"، مشيرًا إلى أن إحسان العبادة لله يفتح لك طريق الرزق، فالسعي بإحسان يحتاج عبادة روحية لتستمر في السعي بدون إحباط.

وخلص إلى أن سورة الذاريات لها وصفة مختلفة عن سورة الواقعة، إذ تهدف إلى حث الإنسان على أن ينخرط بقوة في دورة الأرزاق الربانية وأن يعبد ربه بإحسان كأنه يراه. 

قال خالد إن "سورة الملك.. تبدأ بأن خزائن السموات والأرض كلها بيد الله: "تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ* الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ۖ ".

وأضاف: "الإحسان في أول آية من السورة، ثم تأتي الآية المحورية فيها "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ"، الأرض مذللة لكم بخيراتها وكنوزها، فامشوا في مناكبها. وعلق: "هذا دورك "وكلوا من رزقه"، ليس عملك".

وبين أن بقية آيات السورة كلها تدور حول هذا المعنى: لاتربط حجمك في السعي بواسع عطاء الله.. انظر إلى واسع قدرته وملكه وأمل في رزقه، "أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ * أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ * أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ ".

"قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ". 

وأوضح خالد أن "أفصل سعيك هو الذي تحسن فيه بشدة مهما كان محدودًا عما هو مكتوب لك من رزق عند مالك الملك، لذلك اسمها سورة الملك.. وسع أملك".

وشرح فكرة السعي بأنها "أن تسعى والرزق يخرج من اتجاه آخر كما يشاء الله، لا تربط سعيك برزقك، اعمل دورك وفقط، اترك مالك الملك يدبر مالك، لاتتوقف عن السعي، واجعل نفسك يطول وكلك يقين أن الزرق قادم من أي مكان هذا لا دخل لك فيه". 

وانتهى خالد إلى تلخيص السور الثلاث، على النحو التالي: