روشتة إيمانية من أجل راحتك النفسية
ثق في اختيار الله لك.. سلم واطمئن
اجتهد وسلّم الأمر لله مهما كانت النتائج
كشف الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي عن أفضل طريقة للراحة النفسية والتخلص من الإجهاد والإرهاق النفسي.
وقال في الحلقة الحادية عشر من برنامجه الرمضاني "الفهم عن الله – الجزء الثاني"، إن "التسليم لله دواء رهيب لراحة البال وسكينة الروح، يخلصك من التوتر والقلق والهم"، ومعناه: "موافقة مرادك لمراد الله، فمراده لك خير من مرادك لنفسك، واختياره لك خير من اختيارك لنفسك، "دبر لي فإني لا أحسن التدبير".
وأوضح خالد، أن التسليم عند النبي صلى الله عليه وسلم كان طريقة يومية، فكان يدعو قبل النوم: اللهم إني أسلمت نفسي إليك وألجأت ظهري إليك، ويدعو في قيام الليل: اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وأنا بك وإليك.
الفرق بين التدبير والتخطيط
لكنه بين أن هناك فرقًا بين التدبير والتخطيط، فالتخطيط أمر شرعي، وقد كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يعقد مصالحة مع غطفان للعدول عن الحرب مقابل أن يعطيهم ثلث ثمار المدينة؛ لكن زعيمي الأوس والخزرج سعد بن معاذ وسعد بن عبادة رضي الله عنهما رفضا ذلك، فاستحسن النبي – صلى الله عليه وسلم – قولهما، وتراجع عن رأيه .
في المقابل، ذكر خالد أن الرياح من الله كانت خارج التخطيط، ففشلت مخططات الأحزاب لغزو المدينة.
في حين عرّف التدبير بأنه "إرهاق النفس بما ليس في يديك. والتدبير لله وحده، لأن التدبير هو إدارة الغيب، "يدبر الأمر من السماء إلى الأرض"، "وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو".
وقال إن التدبير من القيوم، القائم على شؤون عبادة.. "الله لا إله إلا هو الحي القيو"، ناصحًا: إذًا خطط ثم سلم الأمر لله، لا ترهق نفسك، عليك التخطيط وعليه التدبير.
ووصف خالد، التسليم بأنه أعلى منازل ديننا، لأن الإسلام مشتق من التسليم. "إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين"، مبينًا أن "التسليم ليس اختياريًا ولكنه أصل دينك وحقيقته، كيف تكون مسلمًا ولا تسلم لله.. "وأنا أول المسلمين"، "توفني مسلمًا وألحقني بالصالحين".
وبين أن التسليم معناه قبول+ قناعة واعتقاد، وهذا قمة راحة البال وقوة النفس. فراحة البال تحدث عند القبول مع القناعة أن ربنا لا يدبر إلا الخير، موضحًا أن التسليم ورد في القرآن 52 مرة، "فلما أسلما وتله للجبين"، وهذا هو سر تراجع نبي الله إبراهيم عن ذبح ابنه اسماعيل عندما استسلما في رضا لله.
لكنه أكد أن "التسليم ليس عملاً سلبيًا أبدًا، بل هو إيجابي، لأنه يرفع عنك الضغط عندما تضع خطة وتحسن فيها ولا يتحقق شيء، مشيرًا إلى أن التسليم يحرر عقلك من الضغط، فيبدأ تلقائيًا يفكر في البدائل للنجاح، وبدون تسليم لن تظهر البدائل نتيجة الضغط النفسي.
التسليم والإحسان
وقال خالد، إنه "لا تسليم بدون إحسان، افعل ما ينبغي عليك فعله على أحسن وجه وسلّم أمرك لله.، لذلك دائمًا ما تأتي آيات الإحسان والتسليم في القرآن معًا، فلا يأتي التسليم وحده أبدًا إلا ومعه الإحسان، "بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ".
واعتبر أن "أحد المشاكل الأساسية مع التسليم والذي يمنعك من التسليم لله والهدوء النفسي هو عقلك الباطن الذي يرسم سيناريو لوصول الخير إليك، ولا تتخيله، ثم تبدأ تتحرك عليه، تم تدعو به فيرسخ في عقلك الباطن أنه باب خيرك وسعادتك ولا باب غيره، فلو لم يأت الخير من هذا الباب تصبح غير راض وغير سعيد ويمكن أن يصيبك الحزن لأن ربنا لم يستجب لك".
وذكر أن أن ملايين الأدلة في حياة الناس تدل أنه بعد مرور سنين يكتشفون أن كثيرًا من اختياراتهم كانت خطأ، لأنهم ببساطة لايعملون الغيب، صدقوا فكرة وهمية وتعلقوا بها بشدة وهي خطأ في الأساس.
وأشار في الوقت ذاته إلى أن أي موضوع ليس له حل واحد فقط، بل هناك أكثر من خطة وبديل.
وتحدث خالد عن "المرونة الذهنية"، وهي طريقة تفكير منفتحة ترى زوايا كثيرة للموضوع الواحد، والله تعالى يريد أن يدربك على هذه المرونة، والتسليم له يساعدك على تحريكها.
وتابع شارحًا: "سر مع الله، خطط ثم سلم له، دعه يفتح لك البدائل بدلاً من بديل واحد أنت مصمم عليه ولا ترى سواه".
10 خطط لحياتك لكن لا تتعلق بها
كما أوصى بوضع 10 خطط لحياتك لكن لا تتعلق بها، فأبواب الرزق والخير التي أعدها الله لك أوسع وأحسن مائة مرة من تخطيطك، فقط أحسن عملك وسلم لله.. فاختياره لك خير من اختيارك لنفسك.
وتناول تخطيط النبي صلى الله عليه وسلم للهجرة من مكة إلى المدينة، قائلاً إنه فكر للهجرة في كل مكان إلا إليها على الرغم من أن أخواله منها، لأنها كانت في حرب أهلية، حرب بعاث مات فيها مئات من سادة الأوس والخزرج، فزار 26 قبيلة إلا أهل المدينة، لكن الله أرادها له.
وبين أن نفس سبب عدم صلاحيتها للهجرة هو هو أقوى سبب يجعلها أفضل مكان للهجرة، فقد تعب طرفا الصراع فيها من الحروب ويبحثان عن بديل، يبحثان عن معنى روحي قوي يجمع الأوس والخزرج ويضمم جراحهما، يبحثان عما يوازن قوة اليهود الذين توحشوا نتيجة الحرب وبيع السلاح للطرفين،
واختتم خالد بذكر القاعدة الحادية عشر، وهي: أرح نفسك من التدبير بعد التخطيط فما قام الله به عنك لا تقم أنت به لنفسك.. فقط سلم وأحسن.. فاختياره لك خير من اختيارك لنفسك.