قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، إن هناك خطين في الحياة: خط العمر وخط الدور في الحياة، موضحًا أن الأول يتعلق بسنوات العمر، أما الثاني فهو دورك في الحياة، الذي يخرج من مهنتك بشرط النية. 

وضرب خالد، أمثلة لما يعنيه بخط الدور في الحياة، ومنها على سبيل المثال: طبيب ليس نيته أن يكسب المال فقط، لكن أن يخفف آلام الناس، معلم: نيته أن يعلم الناس، رجل أعمال يفتح بيوت الناس ويحميهم من البطالة، أو إلى يكون لكل شخص إلى جانب مهنتي دور أو نشاط خيري ورعاية الأيتام، الإصلاح، الدعوة.

استشهد خالد في الحلقة الخامسة عشر من برنامجه الرمضاني "الفهم عن الله – الجزء الثاني"، بـ دانيال كانيمان، أحد الحاصلين على جائزة نوبل، وكان متخصصًا في دراسة مستوى الرضا عن حياة البشر، والذي يقول: كل إنسان له خطان في الحياة خط عمره، وخط دوره في الحياة.

وبين أن خط العمر هو ما ستعيشه من عمر في الحياة، وخط الحلم ما تريد أن تحققه في عمرك، لافتًا إلى أن كانيمان بدأ يقيس متى الإنسان يصل إلى أعلى درجات الرضا عن حياته، وبدأ يبحث عن شخصيات كبيرة من المشاهير، فوجد شيئًا عجيبًا. 

وكانت النتيجة هو ان أعلى درجات الرضا عن الحياة تتحقق عندما يرتبط خط دورك في الحياة بخط عمرك ويسيران معًا حتى نهاية العمر، وهنا تحصل السعادة طوال الحياة، ولو انتهى الدور قبل العمر يفقد الإنسان الرضا عن حياته ويفقد طعم الحياة. 

وأوضح خالد أن كانيمان خلص من خلال دراسته عن الشخصيات الشهيرة في الحياة، إلى أن الناس الأكثر سعادة في الحياة هم الذين ساروا في خطين متوازيين: خط الحياة مع مع خط العمر، وينتهيان معًا، ووجد إن الناس التعيسة في الحياة هي التي ينتهي خط دورها قبل خط عمرها.

ونصح خالد، كل من يريد أن يمد خط دورك في الحياة بأن تكون لديه النية في ذلك، وسيساعده ربنا على ذلك، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"، وهذا معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "خيركم من طال عمره وحسن عمله". 

وقال خالد إن آية: "اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا"، نزلت في حجة الوداع قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بأسبوعين، حيث كانت دلالة على نهاية خط العمر وخط الدور معًا. 

وتابع: لذا سيدنا عمر بن الخطاب عندما نزلت هذه الآية، قال هذا نعي رسول الله، لأنه إذا تم الأمر كيف يكون وجود النبي بعد إتمامه؟، لذلك رأى أنه من دلائل النبوة انه عندما نزلت هذه الآية يموت بعدها النبي صلى الله عليه وسلم، 

وأشار إلى أن الحال كان كذلك بالنسبة للخلفاء الراشدين الأربعة، انتهى لديهم خط العمر مع خط الدور، على النحو التالي: 

أبوبكر دوره تثبيت رسالة النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته.. انتهى من ذلك في سنتين ومات. 

عمر دوره الفتوحات، أول ما أكمل فتح مصر والشام والعراق وسقوط الفرس والروم.. مات. 

عثمان تثبيت شرعية الخلافة وعدم اغتصابها.. أحسن ومات. 

علي مدينة العلم.. وصل العلم إلى جيل كامل بعده ومات. 

واعتبر خالد أنه بالنسبة لأصحاب الدور الكبير "فمن رحمة ربنا أنه مع نهاية الدور ينتهي خط العمر، "خيركم من طال عمره وحسن عمله"، ناصحًا بعدم البحث عن أدوار كبيرة، بل "ابدأ بدور صغير، المهم أن يصبح لك دور".

وأشار إلى الصحابي الأرقم أبن أبي الأرقم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذي تجسد دوره في فتح بيته للنبي صلى الله عليه وسلم ليقابل فيه الصحابه، وجعله قبلة للإيمان.

وأوضح خالد أن والده يعمل طبيبًا، قضى عمره في العيادة، وينظر إلى الطب على أنه دوره في الحياة، وإبان جائحة كورونا كان يواصل عمله المعتاد، على الرغم من نصيحتنا له بعدم الذهاب، فعمره 75 سنة، لكنه يقول: أنا أمنية حياتي أن أعمل حتى أخر يوم في عمري.. خط الدور ينتهي مع خط العمر.

النية الحلوة 

وأوصى خالد، كل شخص بأن "يربط مشروعه أو عمله أو موهبته أو حلمه الشخصي بإرضاء الله: "اللهم استخدمنا ولا تستبدلنا".

وقال إن السيدة فاطمة بنت النبي صلي الله عليه وسلم، لم ترو حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت هي الوحيدة الموجودة على قيد الحياة من أسرة بيت النبوة بعد وفاة أمها حبيبة النبي صلى الله عليه وسلم السيدة خديجة، وأخواتها السبعة، فاختارت لنفسها القيام بدور المسؤولة عن أبيها، مهتمة بأكله وبصحته وباحتياجاته وبابتسامته، وكانت تحضر له الحسن والحسين حتى يلعب معهما، لذلك النبي قال عنها، أم أبيها. 

وأوضح أن يوم موت النبي صلى الله عليه وسلم، قال يا فاطمة: إني ميت اليوم فبكت، فناداها ثانية وقال لها: يا فاطمة أنت أول أهلي لحاقًا بي ضحكت وتوفيت بعد وفاة النبي بستة أشهر، عندما انتهى خط الدور لديها انتهى خط الحياة. 

وبين خالد أن انتهاء خط العمر قبل خط الدور يجعل الشخص حيًا في قلوب الناس حتى يكتمل الدور، مثال: السيدة خديجة التي ماتت والنبي صلى الله عليه وسلم في عز الأزمة، حينما كانت قريش تريد أن تقتله، وماتت حزنًا على معاناته، لكنها ظلت حية في قلب النبي صلى الله عليه وسلم مما أثار غيرة السيدة عائشة رضي الله عنها.

وختم خالد بذكر القاعدة الخامسة عشر، وهي: إذا أردت أن تديم رضاك عن حياتك، فمدّ خط دورك في الحياة واربطه ربطًا متينًا بخط عمرك فتلقى الله راضيًا مرضيًا