الالتهاب هو جزء طبيعي من دفاعات الجسم، لكنه يمكن في حال كان زائدًا عن الحد أن يسبب ضررًا للصحة.
ووفقًا للدكتور حسين أحمد، الاستشاري الممارس في صدليات "كليك 2 فارماسي"، فإن الالتهاب هو استجابة فسيولوجية طبيعية تحدث عند المرض، "تؤدي إلى قيام جهازك المناعي بالشفاء أو الإصلاح أو الدفاع عن نفسه، اعتمادًا على سبب الالتهاب".
وفي حين أن الالتهاب "الحاد" قصير المدى يفيد عملية تعافي الجسم، فإنه "يصبح ضارًا عندما يكون مستمرًا وطويل الأمد، ولا تتوقف الاستجابة الالتهابية"، على ما أفاد الدكتور آدم ستاتن، الطبيب العام بهيئة الخدمات الصحية الوطنية ببريطانيا.
وأوضح، أنه يمكن أن يدوم طويلاً من أشهر إلى سنوات، ويمكن أن يؤدي إلى حالات مزمنة، والتي تقول منظمة الصحة العالمية إنها أكبر تهديد لصحة الإنسان، وفق ما ذكرت صحيفة "ذا صن".
كيف يضر الالتهاب بالصحة؟
فيما يلي بعض الحالات المرضية، التي يؤثر الكثير منها على العمر، والتي تم ربطها بالالتهاب المزمن:
1. أمراض القلب
كثيرا ما نتحدث عن الكوليسترول باعتباره أحد مسببات أمراض القلب، ولكن الالتهاب يمكن أن يلعب أيضًا دورًا رئيسًا.
يكشف الدكتور أحمد أن "الالتهاب المزمن يمكن أن يهيج الأوعية الدموية، ويضيق الشرايين، ويسبب جلطات الدم، مما يزيد من خطر الإصابة بأزمة قلبية أو سكتة دماغية".
ويعد قياس مستويات البروتين التفاعلي C (CRP) إحدى طرق قياس الالتهاب، وقد ربطت الأبحاث الكميات الكبيرة منه بأمراض القلب.
ووجدت دراسة أجريت على ما يقرب من 4 آلاف شخص بالغ، أن الذين يعانون من ارتفاع في مستوى بروتين سي التفاعلي كانوا أكثر عرضة لخطر الإصابة بأمراض القلب على مدى 10 سنوات، حتى لو لم يكن لديهم أي عوامل خطر أخرى ذات صلة.
2. السرطان
تصف مؤسسة أبحاث السرطان في بريطانيا، الالتهاب بأنه "السبب الرئيس في الإصابة بالسرطان"، حيث يرتبط بما يصل إلى حالة واحدة من كل أربع حالات.
وترتبط الطفرات والانقسامات في خلايا وجينات الجسم بتطور السرطان، ويساهم الالتهاب في مثل هذه التغييرات.
وتوصلت دراسة حديثة أجرتها جامعة أكسفورد، بحثت العلاقة بين سرطان الدم وطفرات TP53 (نوع من بروتين الورم) في الخلايا الجذعية المكونة للدم، إلى أن الالتهاب شجع على "التوسع الانتقائي" للخلايا الطافرة TP53.
3. الأمراض الجلدية
ترتبط الأمراض الجلدية المختلفة بالالتهاب. على سبيل المثال، "يلعب الالتهاب دورًا مهمًا في كل من الصدفية والأكزيما، مما يؤدي إلى ظهور الأعراض المميزة ويساهم في تطور المرض"، وفقًا للدكتور دانييل جلاس استشاري الأمراض الجلدية.
ويمكن للعديد من المحفزات - مثل المواد الكيميائية والمواد المسببة للحساسية والأدوية - أن تحفز الاستجابة المناعية، مما يشجع الالتهاب.
وأوضح الدكتور جلاس، أنه عندما يتفاقم هذا الالتهاب، فإنه يمكن أن يظهر على شكل أعراض داخل الجلد أو عليه- مثل لويحات سميكة متقشرة مع الصدفية أو الحكة والجفاف مع الأكزيما.
ويمكن أن تكون حلقة مفرغة، حيث أن الحكة والخدش المرتبطين بالصدفية والأكزيما يمكن أن يلحقا الضرر بحاجز الجلد ويشجعان على المزيد من الالتهابات.
لكن الالتهاب المزمن يمكن عكسه ومنعه من خلال أساليب نمط الحياة المختلفة.
كيفية تقليل الالتهاب
. حافظ على وزن صحي
يعتقد أن السمنة تؤدي إلى الالتهاب، وربما كاستجابة مناعية.
وسبق أن كشف علماء في ماليزيا كيف أن وجود فائض من المغذيات الكبيرة - التي تأتي من الطعام - المخزنة في الأنسجة الدهنية يؤدي إلى زيادة الالتهاب.
وقالوا إن الأفراد الذين يعانون من السمنة المفرطة لديهم مستويات أعلى من إنترلوكين 6 (سيتوكين مؤيد للالتهابات).
. خفض مستويات التوتر
يمكن أن تؤثر المعاناة من التوتر المرتفع والمستمر على وظيفة الجهاز المناعي والغدد الصماء، مما يؤدي إلى الالتهاب.
يعتبر خفض التوتر أمرًا شخصيًا - فالبعض يحب التأمل، بينما يفضل البعض الآخر القراءة أو الاستماع إلى الموسيقى أو ممارسة تمارين التنفس.
مهما كان الأمر، خصص وقتًا لتخفيف التوتر حتى لا يكون له انعكاسات على صحتك.
. ممارسة الرياضة بانتظام
الحركة مفيدة لعدد لا يحصى من جوانب الصحة، بما فيها الالتهاب.
ارتبطت المشاركة بانتظام في جميع أنواع التمارين – من الركض والرقص والسباحة إلى ركوب الدراجات وتدريب الأثقال – بانخفاض علامات الالتهاب، بما فيها بروتين CRP.
. النوم العميق أثناء الليل
يقول الدكتور أحمد: "يمكن أن يتفاقم الالتهاب المزمن بسبب أنماط النوم غير المنتظمة أو عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم، لأن الجسم ليس لديه ما يكفي من الوقت للتعافي والشفاء، مما يزيد الضغط على الجهاز المناعي".
وأوضح أن "ضمان الحصول على ثماني ساعات من النوم المتواصل قدر الإمكان يمكن أن يساعد في تقليل المخاطر".
وجدت إحدى الدراسات أن أولئك الذين يعانون من الحرمان من النوم لديهم مستويات أعلى بكثير من السيتوكينات من أولئك الذين يحصلون على راحة جيدة أثناء الليل.
ويعتمد النوم الجيد إلى حد كبير على ما تفعله في الفترة التي تسبق النوم، حتى في الصباح الباكر.
ويوصي الخبراء بالاستيقاظ في نفس الوقت كل صباح والتعرض لضوء النهار في أسرع وقت ممكن.
واسترخِ في المساء عن طريق خفض الأضواء والقيام بشيء يريحك وتجنب تناول الطعام في الساعات القريبة من وقت النوم.
. الإقلاع عن التدخين
يقول الدكتور ستاتن: "التدخين يمكن أن يسبب التهابًا في الرئتين، لذا، كما هو الحال دائمًا، يجب على الناس محاولة التوقف عن التدخين".
وسبق أن حذر العلماء بجامعة كاليفورنيا من الالتهاب يساهم بشكل كبير في تطور الخلايا السرطانية في سرطان الرئة.
ووجد الباحثون في كندا أيضًا أن المدخنين الشرهين لديهم مستويات أعلى بكثير من السيتوكينات الالتهابية وCRP مقارنة بغير المدخنين.
. صحة الأمعاء الجيدة
تقول آنا مابسون، المعالجة الغذائية: "حوالي 70 في المائة من الجهاز المناعي موجود في الجهاز الهضمي وما حوله. عندما تكون بطانة الأمعاء صحية وتوجد مستويات جيدة من البكتيريا المفيدة، يكون هذا الدفاع أقوى".
ومع ذلك، حذرت من أن الالتهاب في الأمعاء يمكن أن يؤدي إلى إرخاء الوصلات الضيقة بين الخلايا، مما قد يؤدي إلى ظهور أجزاء صغيرة من البكتيريا أو جزيئات الطعام التي تؤدي إلى رد فعل مناعي.
وتابعت: "لذا فإن سلامة القناة الهضمية جزء مهم من السيطرة على الالتهاب".
. توقف عن تناول الأطعمة المصنعة والسكرية
اللحوم المصنعة والسكر لا تدعم صحة الأمعاء.
وجدت دراسة أجرتها جامعة أكسفورد أن تناول 50 جرامًا فقط من اللحوم المصنعة يوميًا وشرب 660 مل من المشروبات المحلاة بالسكر (التي تحتوي على 40 جرامًا من السكر) يوميًا يرتبط بزيادة كبيرة في بروتين CRP.
لكنها أوضحت "أن تناول طعام أو وجبة واحدة لن يؤدي إلى الالتهاب".
. التقليل من تناول الدهون المشبعة
حذرت المعالجة الغذائية، قائلة: "يرتبط الالتهاب بنظام غذائي غني بالدهون المشبعة".
وجدت دراسة صينية أن تناول الأطعمة الغنية بالدهون يشجع بانتظام على إنتاج السيتوكينات وخلايا الدم البيضاء المؤيدة للالتهابات، مما "يدعم السمنة والمضاعفات الأيضية ذات الصلة".
والدهون المشبعة هي تلك الموجودة في الزبدة واللحوم الدهنية والجبن والبسكويت والكيك والمعجنات.
. نسبة عالية من الألياف
وجدت دراسة أمريكية أجريت على أكثر من 4100 فرد أن أولئك الذين تناولوا وجبات غذائية غنية بالألياف كانت لديهم مستويات التهاب أقل.
قالت آنا: "الحبوب الكاملة، والخضروات، والفواكه، والبذور والمكسرات، والفاصوليا والبقوليات كلها جيدة لتناولها بانتظام. تساعد الألياف في دعم صحة الأمعاء وتشجع البكتيريا المعوية الصديقة".
. الأعشاب والتوابل
قالت المعالجة الغذائية: "إن استخدام الأعشاب والتوابل في الطهي يضيف نكهة إلى الأطباق، ولكنه يمكن أن يساهم أيضًا في إضافة مركبات قيمة مثل البوليفينول".
وأوضحت أن "هذه مضادات الأكسدة من النباتات التي تتفاعل مع ميكروبات الأمعاء لدينا بطريقة مفيدة."
. الخضروات والفواكه ذات اللون الداكن
مصدر آخر رائع للبوليفينول الصديق للأمعاء هو الفواكه والخضروات ذات اللون الداكن.
ومن الأمثلة على ذلك "الشمندر، والكرز، والتوت، والكشمش الأسود، والتفاح، والبصل الأحمر، والسبانخ"، كما تقول آنا.