بقلم |
فريق التحرير |
الاثنين 16 يونيو 2025 - 08:55 م
هل أعطي أبي كفارة اليمين إطعام، هو معي الآن، وليس معي غيره، مع العلم أسكن مع أبي يعطيني مالاً عندما أحتاج، وهو مديون، وينتهي راتبه بعد كم يوم في الجمعيات وغيرها، ونسكن بإيجار،
ولدينا مبلغ بسيط جداً نريد إعطاءه لأحد يستثمره لنحصل على مسكن.
هل لو وجب علي الإطعام أخرجها للفقراء أم أحضر أشياء للمنزل كما أفعل والحمد لله؟
أنا أحتاج ملابس للعيد وغيرها، لكن الآن إذا معي مال أعطي لأبي؛ حتى لا يتدين؟ أم أخرج الكفارة وليس علي وزر؟
أنا كنت سأصوم، وبدأت، وأتاني ٦٧٠ جنيه، وحسبت كفارتين ب ٦٠٠.
الجواب:
تبين لجنة الفتوى بـ"سؤال وجواب" أن كفارة اليمين: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.
والعبرة في تعيين الكفارة: بوقت الحنث، فإذا لم يكن معك مال وقت الحنث، فالواجب في حقك الصوم، فلو ملكت مالا بعد ذلك، لم يجب عليك الإطعام.
قال الشافعي رحمه الله: " وإذا حنث الرجل موسرا , ثم أعسر، لم يكن له أن يصوم، ولا أرى الصوم يجزيء عنه، وأمرته احتياطا أن يصوم؛ فإذا أيسر كفر.
وإنما أنظر في هذا إلى الوقت الذي يحنث فيه.
ولو أنه حنث معسرا , ثم لم يصم حتى أيسر: أحببت له أن يكفر، ولا يصوم؛ من قِبل أنه لم يكفر حتى أيسر.
وإن صام، ولم يكفر: أجزأ عنه؛ لأن حكمه حين حنث الصيام " انتهى من "الأم" .
وقال في "مطالب أولي النهى" "المعتبر في الكفارة: وقت الوجوب، وهو هنا وقت الحنث" انتهى.
وقال في "شرح منتهى الإرادات": " (والمعتبر) في كفارات من قدرة أو عجز (وقت وجوب) كفارة (كحد وقصاص) فيعتبران بوقت الوجوب ... وفي يمين زمن حنث (فلو أعسر موسر قبل تكفير، لم يجزئه صوم) لأنه غير ما وجب عليه وتبقى الرقبة في ذمته إلى يساره، كسائر ما وجب وعجز عن أدائه (ولو أيسر معسر) بعد وجوبها عليه معسرا (لم يلزمه عتق) اعتبارا بوقت الوجوب" انتهى.
وعليه؛ فإذا لم يكن معك مال عند الحنث، ثم أتاك مال، لم يلزمك الإطعام، وأجزأك الصوم.
ثانيا:
إذا لزمك الإطعام، أو اخترت الإطعام مع عدم لزومه لك، فإن الكفارة تعطى للمساكين ممن لا تلزمكِ نفقتهم.
قال الشافعي رحمه الله في "الأم" (7/ 68): " لا يجزئ أن يطعم في كفارات الأيمان إلا حرا مسلما محتاجا، فإن أطعم منها ذميا محتاجا، أو حرا مسلما غير محتاج: لم يجزه ذلك، وكان حكمه حكم من لم يفعل شيئا، وعليه أن يعيد.
وهكذا لو أطعم من تلزمه نفقته، ثم علم، أعاد ” انتهى باختصار .
وقال في "أسنى المطالب" (3/ 369): " ويعتبر في المسكين والفقير: أن يكونا من أهل الزكاة، فلا يجزئ الدفع إلى كافر . . . ولا إلى من تلزمه نفقته . . . لأن الكفارة حق لله تعالى ، فاعتبروا فيها صفات الزكاة " انتهى .
وتضيف: وإذا كان معك مال زائد عن حاجتك، وكان والدك محتاجا، لزمك الإنفاق عليه، ولم يجز إعطاء الوالد من كفارتك؛ لأنك بذلك تسقطين واجبا عليك.
إلا إذا كان مالك لا يتسع للنفقة على والدك فلا حرج أن تعطيه الكفارة.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " هل يصح لي إخراج زكاة المال أو زكاة الفطر إلى إخواني وأخواتي القاصرين الذين تقوم على تربيتهم والدتي بعد وفاة والدنا رحمه الله؟ وهل يصح دفع هذه الزكاة إلى إخواني وأخواتي غير القاصرين ولكنني أشعر أنهم محتاجين إليها ربما أكثر من غيرهم من الناس الذين أدفع لهم هذه الزكاة؟
فأجاب فضيلته بقوله: إن دفع الزكاة إلى الأقارب الذين هم من أهلها أفضل من دفعها إلى من هم ليسوا من قرابتك؛ لأن الصدقة على القريب صدقة وصلة.
إلا إذا كان هؤلاء الأقارب ممن تلزمك نفقتهم، وأعطيتهم من الزكاة ما تحمي به مالك من الإنفاق: فإن هذا لا يجوز.
فإذا قدر أن هؤلاء الإخوة الذين ذكرت والأخوات فقراء، وأن مالك لا يتسع للإنفاق عليهم: فلا حرج عليك أن تعطيهم من زكاتك.
وكذلك لو كان هؤلاء الإخوة والأخوات عليهم ديون للناس، وقضيت ديونهم من زكاتك: فإنه لا حرج عليك في هذا أيضاً، وذلك لأن الديون لا يلزم القريب أن يقضيها عن قريبه، فيكون قضاؤها من زكاته أمراً مجزياً، حتى ولو كان ابنك، أو أباك وعليه دين لأحد، ولا يستطيع وفاءه، فإنه يجوز لك أن تقضي دين أبيك من زكاتك، ويجوز أن تقضي زكاة ولدك من زكاتك.
بشرط أن لا يكون سبب هذا الدين تحصيل نفقة واجبة عليك، فإن كان سببه تحصيل نفقة واجبة عليك فإنه لا يحل لك أن تقضي الدين من زكاتك؛ لئلا يتخذ ذلك حيلة على منع الإنفاق على من تجب نفقتهم عليه، لأجل أن يستدين ثم يقضي ديونهم من زكاته" انتهى من "فتاوى ابن عثيمين" (18/ 419).
وعليه: ولا حرج لو أعطيت والدك الطعام، ولو كان سيضعه في البيت، وتأكلين منه.