مع دخول فصل الصيف وبدء الإجازات السنوية، تتوجه الأنظار إلى الشواطئ والمصايف، وتكثر الرحلات والسفر والترفيه، في وقت فراغ طويل ينتظره الكثيرون، لا سيما الشباب. غير أن هذا الوقت الثمين قد يتحول إلى نقمة بدل نعمة إذا لم يُغتنم فيما ينفع، وابتُذل فيما لا يرضي الله. فكيف نحول الصيف إلى موسم طاعات لا معاصي؟ وكيف نصنع من المصايف بيئة ترفيهية نظيفة تُعلي من القيم وتربي النفوس على الحياء والانضباط؟
يروي النبي ﷺ: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ". والصيف يجمع بينهما: صحة البدن وفراغ الوقت. ولكن للأسف، يتحول في كثير من الأحيان إلى وقت للغفلة والانحراف، عبر مظاهر تتكرر سنويًا في المصايف من سفور واختلاط وتبرج وسهرات لهو تُسرف فيها الأموال وتُهدر الطاقات.
وهنا تبرز أهمية التوعية الدينية والاجتماعية، فالصيف ليس عطلة من الدين، وليس فسحة بلا حدود، بل هو وقت ثمين يمكن استثماره في بناء الذات، وتطوير المهارات، وتقوية الإيمان، وتعزيز الروابط الأسرية.
تنظيم الوقت: وضع خطة يومية أو أسبوعية تشمل العبادة (صلاة، قراءة قرآن، ذكر)، وتنمية الذات (قراءة، مهارات، دورات تدريبية)، والترفيه المباح.
السفر النقي: الحرص على أن تكون الرحلات والمصايف خالية من المنكرات، كالأغاني الصاخبة، واللباس غير المحتشم، والمظاهر السلبية التي تسود بعض الأماكن السياحية. يمكن اختيار أماكن هادئة وطبيعية، مع الاستمتاع بجمال الخلق دون مخالفة الخالق.
مصايف أسرية تربوية: تحويل المصيف إلى فرصة لتقوية العلاقات الأسرية، من خلال الرحلات الجماعية، والجلسات العائلية، وتبادل القصص والقيم، والابتعاد عن الهواتف والشاشات.
المشاركة المجتمعية: الصيف أيضًا فرصة للمشاركة في الأعمال التطوعية، والمخيمات الشبابية الإسلامية، والمبادرات البيئية والخيرية.
الاعتكاف الصيفي: بعض المساجد والمؤسسات تنظم برامج روحانية ودورات علمية خلال الصيف، يمكن أن تكون بديلًا ملهمًا عن نمط المصايف التقليدية.
الإسلام لا يحرم الفرح، بل يحث عليه، ولكن الفرح الحقيقي هو ما يرضي الله. يقول تعالى: "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون". ومن هنا، فإن الترفيه المباح لا يعني تبرجًا ولا اختلاطًا، ولا تساهلًا في الحياء، بل يعني تجديدًا للنفس وفق ضوابط الدين.
الإعلام له دور محوري في توجيه الناس لاختيار الوجهات والمظاهر الصيفية، فمن الضروري أن يُسهم في نشر الوعي، وتقديم نماذج إيجابية عن المصايف النظيفة.
أما الأسرة، فعليها مسؤولية في تربية الأبناء على أن الترفيه لا يعني إسقاط القيم، وأن الاستمتاع بالحياة لا يكتمل إلا في ظل طاعة الله.