أخبار

الإنسان قد تصيبه بعض النجاسات.. فما معنى أن (المسلم لا ينجس)؟

"لقاح خارق" يوقف انتشار 3 أنواع من السرطان

هذه الأغذية تساعدك على التخلص من مشكلة الإمساك

هل يشعر الميت بالأحياء ويسمع كلامهم.. تعرف على آراء العلماء في هذه المسألة

من ثمار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم المباركة.. افتح بها يومك بالخير

تعرف على نفسك جيدا.. فهذه أول خطوات النجاح

ما حكم انكشاف أسفل الظهر في الصلاة؟ (المفتي يجيب)

لماذا اهتم الإسلام بالوقت لهذه الدرجة؟ تعرف على الأسباب

8 ثمرات تلتقطها عند كل وضوء وتجعلك من الغر المحجلين

تابع عيوب الناس لحظة بلحظة.. فاليوم هو لك وغدًا عليك!

الإنسان قد تصيبه بعض النجاسات.. فما معنى أن (المسلم لا ينجس)؟

بقلم | فريق التحرير | الجمعة 17 اكتوبر 2025 - 09:54 م

أشكل علي فهم حديث (المسلم لا ينجس)، مع إن الإنسان قد تصيبه بعض النجاسات ويصير نجسا!، وهل معنى ذلك أن الكافر نجس لا يجوز لنا لمسه أو الاقتراب منه؟

تبين لجنة الفتوى بسؤال وجواب أنه للإجابة على هذا السؤال ينبغي معرفة عدة أمور:

أولا:
روى البخاري (283)، ومسلم (371) في صحيحيهما عن أبي رافع عن أبي هريرة أنه لقيه النبي صلى الله عليه وسلم في طريق من طرق المدينة، وهو جنب، فانسل فذهب فاغتسل، فتفقده النبي صلى الله عليه وسلم فلما جاءه قال: (أين كنت يا أبا هريرة)، قال: يا رسول الله، لقيتني وأنا جنب فكرهت أن أجالسك حتى أغتسل.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّ المُؤْمِنَ لاَ يَنْجُسُ).
ومفاد الحديث: أن أبا هريرة رضي الله عنه ظن أن الجنابة تُحدث في بدن الإنسان أثرًا يجعله نجس العين، بحيث يلزم التحفظ من مجالسته ومماسته، فبيَّن له النبي صلى الله عيه وسلم أن الجنابة لا تقتضي شيئًا من ذلك، وأن المؤمن لا يصير نجس العين مطلقا.
فالحدث – سواء كان جنابة أو حيضًا أو غيرهما – لا يجعل بدن المسلم نجسًا، بل ذاته طاهرة في جميع الأحوال، لا تُمنع مؤاكلته ولا مصافحته ولا مجالسته، وإنما أمر بالوضوء والاغتسال من الحدَث تعبدا، لا بسبب النجاسة.
قال ابن تيمية: "وهذا متفق عليه بين الأئمة: أن بدن الجنب طاهر، وعرقه طاهر، والثوب الذي يكون فيه عرقه طاهر؛ ولو سقط الجنب في دهن أو مائع: لم ينجسه بلا نزاع بين الأئمة، بل وكذلك الحائض عرقها طاهر، وثوبها الذي يكون فيه عرقها طاهر". انتهى من "مجموع الفتاوى" (21/58).
وقال ابن رجب: "وفيه دليل على أن الجنب لَهُ أن يذهب في حوائجه ويجالس أهل العلم والفضل، وأنه ليسَ بنجس، وإذا لَم يكن نجساً، ففضلاته الطاهرة باقية على طهارتها، كالدمع والعرق والريق، وهذا كله مجمع عليهِ بين العلماء، ولا نعلم بينهم فيهِ اختلافاً". انتهى من "فتح الباري" (1/343).
وفي "بذل المجهود في حل سنن أبي داود" (2/ 213): "معناه: أن المسلم إذا أجنب أو أحدث لا يصير نجسًا بهما، وإنما حكم التطهر للتعبد".
وقال المنبجي الحنفي: "معناه: أن الجنب لا يصير كالعين النجسة بحيث لا يجوز مجالسته ومصافحته". انتهى من "اللباب في الجمع بين السنة والكتاب" (1/ 49).
وقال ابن حجر: "(‌المؤمن ‌لا ‌ينجس) ... أي لا يصير نجس العين". انتهى من " فتح الباري (1/193).

ثانيا:
يتبين مما سبق أن المراد بالحديث: نفي النجاسة العينية عن المسلم، لا نفي إمكان إصابته بالنجاسة.
ولهذا ينبغي التفريق بين النجس، والمتنجس:
فالنجس: هو العين التي حكم عليها الشرع بالنجاسة كالبول، والغائط ، والميتة، ويقال لها: "نجاسة عينية " .
وأما المتنجس: فهو ما كان طاهراً في أصله، لكن أصابته نجاسة خارجية، كالثوب الذي يصيبه بول أو غائط ، والماء الذي خالطته نجاسة وغيرته ، وتسمى عند بعض الفقهاء : "نجاسة حكمية"، وقد يقال له (نجس) بهذا الاعتبار.
فالعين النجسة لا يمكن تطهيرها؛ لأنها نجسة في ذاتها، بخلاف المتنجس، فإنه يزول حكم النجاسة عنه إذا طُهِّر وعاد إلى أصله من الطهارة.
وفي "الموسوعة الفقهية" (29/94) : " النَّجَاسَاتُ الْعَيْنِيَّةُ لاَ تَطْهُرُ بِحَالٍ ، إِذْ إنَّ ذَاتَهَا نَجِسَةٌ ، بِخِلاَفِ الأَعْيَانِ الْمُتَنَجِّسَةِ ، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ طَاهِرَةً فِي الأَصْل وَطَرَأَتْ عَلَيْهَا النَّجَاسَةُ ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ تَطْهِيرُهَا " انتهى
وعليه؛ فالمسلم طاهر الذات في أصله، غير أن بدنه أو ثوبه قد يتنجس إذا أصابته نجاسة خارجية، فيبادر إلى تطهيرها ليعود إلى حالته الأولى من الطهارة.
قال ابن دقيق العيد: "ويقال للشيء: إنه (نجس) بمعنى أن عينه نجسة، ويقال فيه: إنه (نجس) بمعنى أنه متنجس بإصابة النجاسة له، ويجب أن يحمل على المعنى الأول، وهو أن عينه لا تصير نجسة؛ لأنه يمكن أن يتنجس بإصابة النجاسة، فلا ينفي ذلك". انتهى من "إحكام الأحكام" (1/ 128)
وقال ابن الملقن: "فابن آدم ليس بنجس في ذاته، ما لم تعرض له نجاسة تحل به". انتهى من "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (4/ 647).

ثالثا:
من المتقرر عند عامة الفقهاء من المذاهب الأربعة وغيرهم: أن ذات الإنسان طاهرة، سواء كان مؤمنا أو كافرا، وهو مقتضى التكريم الإلهي لبني آدم جميعا.
قال ابن قدامة: "الآدمى.. طاهر، وسؤره طاهر، سواء كان مسلما أو كافرا، عند عامة أهل العلم" انتهى من "المغني" بتصرف يسير (1/ 69).
وقال النووي: "هذا الحديث أصل عظيم في طهارة المسلم حيا وميتا.
فأما الحي فطاهر بإجماع المسلمين ...، وأما الميت ففيه خلاف للعلماء، وللشافعي فيه قولان، الصحيح منهما: أنه طاهر ولهذا غُسِّل، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (إن المسلم لا ينجس) وذكر البخاري في صحيحه عن ابن عباس تعليقا: (المسلم لا ينجس حيا ولا ميتا) .
هذا حكم المسلم.
وأما الكافر: فحكمه في الطهارة والنجاسة حكم المسلم، هذا مذهبنا ومذهب الجماهير من السلف والخلف". انتهى من "شرح صحيح مسلم" (4/ 66).
وفي "الممتع في شرح المقنع" لزين الدين المنبجي (1/226): "ولا فرق بين المسلم والكافر فيما ذكر؛ لاستوائهما في الآدمية؛ ولأنهما استويا حالة الحياة، فكذلك بعد الممات". انتهى
وقال العيني في بيان فوائد الحديث: "أن ‌المؤمن ‌لا ‌ينجس، وأنه طاهر سواء كان جنبا أو محدثا حيا أو ميتا، وكذا سؤره وعرقه ولعابه ودمعه.
وكذا الكافر في هذه الأحكام"، انتهى  من "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (3/ 239).
وخالف في هذه المسألة: الظاهرية، وقالوا: في هذا الحديث دلالة على أن الكافر نجس العين، واستدلوا كذلك بقوله تعالى إنما المشركون نجس [التوبة: 28] ، ينظر: "المحلى بالآثار" (1/ 137)
وأجاب الجمهور عن الآية بأن المراد بها النجاسة المعنوية، وأن مفهوم الحديث غير مراد.
قال النووي: "وأما قول الله عز وجل (انما المشركون نجس): فالمراد نجاسة الاعتقاد والاستقذار وليس المراد أن أعضاءهم نجسة كنجاسة البول والغائط". انتهى من "شرح صحيح مسلم" (4/ 66).
وقال ابن دقيق العيد: "والحديث دل بمنطوقه على أن المؤمن لا ينجس، فمنهم من خص هذه الفضيلة بالمؤمن، والمشهور التعميم، وبعض الظاهرية: يرى أن المشرك نجس في حال حياته، أخذا بظاهر قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس" انتهى من "إحكام الأحكام" (1/ 128).

رابعا:
إذا ثبت أن ذات الإنسان – مسلِمًا كان أو كافرًا – طاهرة في أصلها، وأن كلا منهما قد يتنجس بعوارض النجاسات الخارجية، يبقى السؤال: ما الحكمة في تخصيص المسلم بالذكر في حديث أبي هريرة رضي الله عنه؟

وقد ذكر أهل العلم لذلك جملة من الأوجه والفوائد، من أبرزها:
1-أن تخصيص المسلم بالذكر: إنما هو لكون الحديث وُجِّه ابتداءً إلى مخاطبة المسلم، فالمقام مقام بيان حكمه، لا مقام مقارنته بغيره.
فالمقصود إيضاح أن الجنابة لا تُغيّر طهارته، ولا تجعله نجس العين، ولهذا اقتصر النص على ذكر المسلم لأنه هو المعني بالحكم ابتداءً، كما أوضح ذلك الشيخ محمود خطاب السبكي في "المنهل العذب المورود" (2/307).
2-وقيل: إنما خُصَّ المؤمن بالذكر: تنويهًا بشأنه وبيانًا لشرفه، إذ هو الجدير بأن يُنفى عنه وصف النجاسة، وأنه أكرم على ربه من أن يُوصَف بالنجاسة، أو يُلحق به شيء من معانيها، فتخصيصه بالذكر جاء تكريمًا له، وتأكيدًا على طهارته من كل ما يُستقذر عادة، وهذا المعنى هو الذي أشار إليه ابن الملقن في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (4/646) بقوله: "خص المؤمن بالذكر؛ لشرفه".
3- وقيل: إنما خُصَّ المؤمن بالذكر، لاعتياده التحرّز عن النجاسات واجتنابها، بخلاف المشرك الذي لا يتحفّظ منها ولا يتنزّه عنها، فيخالطها ويدمن ملابستها.
فالمؤمن معتاد على الغُسل والوضوء وإزالة النجاسة، فيكون في حالته العادية طاهر البدن نقيّ الأعضاء، وأما الكافر، وإن كان أصل بدنه طاهر العين، إلا أنه لا يعتني بالطهارة ولا يتحرّز عن النجاسات، فيبقى غالبًا مباشِرًا لها، فجاء التخصيص في الحديث ليُبرز الفرق بين من ألف الطهارة والتنزّه عنها – وهو المؤمن – وبين من ألف مخالطة النجاسات وترك التحرّز منها – وهو الكافر.
قال ابن حجر: "المؤمن طاهر الأعضاء، لاعتياده مجانبة النجاسة، بخلاف المشرك؛ لعدم تحفظه عن النجاسة". انتهى "فتح الباري" لابن حجر (1/390).
وكذا ذكر القسطلاني أن الكفار "لا يتجنَّبون النَّجاسات، فهم ملابسون لها غالبًا"، انتهى من "إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري" (2/ 588).
4-وقيل: المقصود بالحديث نفي وصف النجاسة عن المسلم، على الحقيقة والمجاز معًا، فهو طاهر البدن حسًّا، مبرأ الاعتقاد معنًى، بخلاف الكافر الذي يوصف بالنجاسة المعنوية، لأجل اعتقاده الباطل؛ حتى وإن لم يكن بدنه نجسًا نجاسة عينية.
فالمؤمن قد اجتمعت له الطهارة من كل وجه، حسيًّا ومعنويًّا، ولذلك صدق عليه الوصف الكامل بأنه لا ينجس، قال ابن حجر: "أراد بذلك نفي هذا الوصف، وهو النجس عن المسلم، حقيقة ومجازا"، انتهى من "فتح الباري" لابن حجر (3/ 127).
وقال الكوراني مبيّنًا سرَّ التخصيص: "نبه على شرفه، وأنه طاهر من كل وجه" انتهى من "الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري" (1/ 437).

5-"التقييد بالمؤمن في هذا ونظائره: ليس لإخراج الكافر بل للثناء على الإيمان والترغيب فيه"، انتهى من "حاشية الشرواني على تحفة المحتاج" (1/ 292). وهذا قريب مما ذكر في الوجه الأول.
وكل هذه التوجيهات التي ذكرها أهل العلم صحيحة لا تعارض بينها، إذ يجتمع معناها في تأكيد أن المؤمن طاهر من جميع الوجوه، حسًّا ومعنًى، ظاهرا وباطنا، بخلاف الكافر الذي طُهر بدنه وبقي قلبه مدنسًا بالشرك.
ومن هنا جاء الحديث ليرفع شأن المؤمن، ويعلي منزلته، ويؤكد أن الإيمان سبب للطهارة الحقيقية التي تشمل الظاهر والباطن جميعًا.
والله أعلم.

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled أشكل علي فهم حديث (المسلم لا ينجس)، مع إن الإنسان قد تصيبه بعض النجاسات ويصير نجسا!، وهل معنى ذلك أن الكافر نجس لا يجوز لنا لمسه أو الاقتراب منه؟