لم تكن الحروف الأبجدية تكتب منقوطة بشكلها الحالي، لكن مع دخول الكثير الإسلام من خارج الجزيرة العربية تفشى الخطأ، وعدم القدرة على التمييز بين الحروف المتشابهة رسمًا، كالباء والتاء والثاء والنون، والفاء والقاف، والعين والغين، والجيم والحاء والخاء، والصاد والضاد، والسين والشين، خاصة بين حديثي العهد بالإسلام من غير العرب.
من هنا كانت البداية لاستحداث نظام التنقيط في الأبجدية العربية، وكانت أقدم وثيقة يتم تنقيطها، وهي أيضًا أول وثيقة باللغة العربية بورق البردي ومؤرخة في شهر جمادى الأول من عام 22 هجريًا (643 ميلاديًا).
ويعد أبوالأسود الدؤلي - واضع علم النحو - أول من وضع النقط للضبط، فكان يضع النقطة أمام الحرف علامة على الضمة، والنقطة فوقه علامة على الفتحة، وإذا كانت تحته فهي للكسرة.
وقد رسمها بحبر أحمر، وكانت على هيئة نقاط، كان يقول لكاتبه: "خذ صبغًا أحمر فإذا رأيتني فتحت شفتي بالحرف فانقط واحدة فوقه وإذا كسرت فانقط واحدة أسفله وإذا ضممت فاجعل النقط بين يدي الحرف (أي أمامه) فإذا اتبعت شيئًا من هذه الحركات غنة فانقط نقطتين"، وأخذ يملي القرآن بتأنٍ والكاتب يكتب حتى وصل إلى آخر المصحف.
وانتشرت طريقة أبي الأسود، ولكنها لم تتداول إلا في المصاحف في ضبط كلمات القرآن الكريم، وكان يدقق في كل صحيفة حال انتهاء الكاتب منها، ولم يضع علامة للسكون إذ رأى أن إهمال الحركة يغني عن علامة السكون.
واستمرت الكتابة على هذا إلى أن جاء الخليل بن أحمد الفراهيدي بحلول القرن الثاني من الهجرة، فوضع ضبطًا أدق من ضبط أبي الأسود فجعل بدل النقط، ألفًا صغيرة مائلة فوق الحرف للدلالة على الفتحة، ووضع ياء صغيرة تحت الحرف للدلالة على الكسرة، وتوضع الواو الصغيرة فوق الحرف لتدل على الضمة، أمّا في حالة التنوين فيتمّ تكرار الحرف الصغير.
وبعد ذلك تطورت الطريقة حتّى وصلت إلى ما هي عليه اليوم، كما جعل السكون الخفيف الذي لا إدغام فيه رأس خاء، أو دائرة صغيرة، وجعل الهمزة رأس عين (ء)، وقام بإصلاحات أخرى، ومنها وضعه رمز الشدّة، حيث نقل رمز الشدّة من نصف الدائرة إلى رأس الشين.
وقدّم العديد من الإضافات إلى الكتابة العربية التي لم يتمكن أحد بعده إضافة شيء لها، وبالتالي فإن له الفضل الكبير والعظيم في وضع الهمزة، والتشديد في حروف اللغة العربية.
وظهرت التاء المربوطة وهي علامة تأنيث تظهر في نهاية الكلمة المؤنثة وتقرأ كهاء، و(ى)، الألف المقصورة أو الياء المهمَلة (ى)، وهو هو أحد أشكال حرف الألف في الأبجدية العربية، من ناحية الرسم فهو حرف ياء من دون النقطتين، يلفظ الحرف كالمد بالألف.
وبعض علماء اللغة الأوائل يفرّقون بين الهمزة والألف، وكان بذلك عدد الحروف العربية عندهم تسعة وعشرين حرفًا. أما علماء اللغة المحْدثون فلا يعتبرون الألف حرفًا هجائيًا.
والهمزة هي الشكل الحركي الزائد إلى حرف العلة وتعطيه اللهجة والتمييز ليلفظ كحرف علة.
وتنقسم الهمزات إلى نوعين رئيسيين، همزة قطع وهمزة وصل حسب التشكيل، فهي تأتي أول أو وسط أو آخر الكلمة، فالهمزة هي التي تعطي اللحن والنغمة للكلمة العربية.
ويقول مكحول الهذلي: "إن أول من وضعوا الخط والكتابة هم نفيس ونضر وتيماء ودومة من أولاد إسماعيل بن إبراهيم، وإنهم وضعوها متصلة الحروف بعضها ببعض حتى الألف والراء، ففرقها هميسع وقيدار وهما من أولاد إسماعيل".
وقال برهان الدين الحلبي في كتابه السيرة الحلبية: "إن أول من كتب بالعربية من ولد إسماعيل هو نزار بن معد بن عدنان".
وقال أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي: "إن أول من وضع الكتابة هم بنو المحصن بن جندل بن يعصب بن مدين، وكانوا قد نزلوا عند عدنان بن أد بن أدد وأسمائهم أبجد وهوز وحطى وكلمن وسعفص وقرشت، فلما وجدوا حروفًا ليست في أسمائهم ألحقوا بها وسموها الروادف وهي الثاء والخاء والذال والضاد والظاء والغين، والتي مجموعها (ثخذ ضظغ)، فتمت بذلك حروف الهجاء. وقيل بل هم ملوك مدين وأن رئيسهم كلمن، وأنهم هلكوا يوم الظلة، وأنهم قوم نبي الله شعيب".
وأما العربية فهي ستة (6) أحرف أضافها العرب إلى الأصل السامي وانفردوا بها، وتسمى "الروادف" وهي : ث، خ، ذ، ض، ظ، غ.
وهذه الحروف حسب ترتيبها تيسيرًا لحفظها وجريانها على الألسنة، هي: أبْجَدْ، هَوَّزْ، حطِّي، كَلَمُنْ، سَعْفَصْ، قَرَشَتْ، ثَخَذْ، ضَظَغْ. أما الحروف كاملة، فترتيبها التالي : أ، ب، ج، د، هـ، و، ز، ح، ط، ي، ك، ل، م، ن، س، ع، ف، ص، ق، ر، ش، ت، ث، خ، ذ، ض، ظ، غ.
الترتيب الأبتثي (الألفبائي): رتبت الحروف الهجائية العربية ترتيبًا شكليًا والذي يعتمد على تشابه الحروف من حيث رسمها، ويرجع إلى اللغوي نصر بن عاصم الليثي الكناني (ت 90 هـ / 708 م)، وذلك بتكليف من الحجاج بن يوسف الثقفي (ت هـ 95 / 714 م)، وقد سمي هذا الترتيب اصطلاحًا بالترتيب الألفبائي، تمييزًا له عن الأبجدي المذكور أعلاه.
نظام الحروف فيه : أ، ب، ت، ث، ج، ح، خ، د، ذ، ر، ز، س، ش، ص، ض، ط، ظ، ع، غ، ف، ق، ك، ل، م، ن، هـ، و، ي. يعتبر هذا الترتيب أكثر تواترًا في الاستعمال؛ فقد رتِّبت بمقتضاه المادة اللغوية في بعض المعجمات القديمة وفي كل المعاجم الحديثة.
الترتيب الصوتي: رتبت الحروف الصوتية العربية ترتيبًا صوتيًّا حيث اعتمد على مخارج الحروف وابتدأ من الحلق، ويرجع إلى عالم اللغة الخليل بن أحمد الفراهيدي (100 هـ 170 هـ - 718م 786م).
وترتيب الحروف فيه : ع، ح، هـ، خ، غ، ق، ك، ج، ش، ض، ص، س، ز، ط، ت، د، ظ، ذ، ث، ر، ل، ن، ف، ب، م، و، ي، أ.
ورتبه من تلا الخليل فبدأ بالأصوات الشفوية وانتهى بأصوات الحلق، بينما كان ترتيب الخليل مبتدئًا بالحلق ومنتهيًا بالشفاه. ورتب ابن جني رتب الأصوات العربية على النحو التالي:
و. م. ب. ف. ث. ذ. ظ. س. ز. ص. ق. د. ط. ن. ر. ل. ض. ي. ش. ج. ك. ق. خ. غ. ح. ع. هـ. ا. أ.
وفي العصر الحديث، رتب بعض المهتمين حروف العربية صوتيًا كالتالي:
ب. م. و. ف ـ ث. ذ. ظ ـ ت. د. ط. ن. ض ـ ل. ر. س. ص. ز ـ ش. ج. ي. ك ـ خ. غ. ق. ح. ع. هـ. أ.
ورتبها فريق آخر كالتالي:
ب. م. و ـ ف. ظ. ذ. ث ـ ض. د. ط. ت. ل. ن ـ ز. ص. س. ر ـ ش. ج ـ ي ـ ك. غ. خ ـ ق ـ ع. ح. أ. هـ.