هل تجوز المداعبة في الدبر بواسطة الواقي الذكري؟.
الجواب
قالت لجنة الفتاوى بـ"إسلام ويب "إنه تجوز مداعبة الزوجة والاستمتاع بدبرها من غير إيلاج، فقد نص أهل العلم على أن المحرم إنما هو إيلاج الذكر داخل الدبر وأن ما دون ذلك جائز، قال الامام الشافعي في الأم: فأما التلذذ بغير إيلاج بين الإليتين، فلا بأس. اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني: ولا بأس بالتلذذ بها بين الإليتين من غير إيلاج، لأن السنة إنما وردت بتحريم الدبر. اهـ.
وقال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: وَيَمْلِكُ الِاسْتِمْتَاعَ منها بِمَا سِوَى حَلْقَةِ دُبُرِهَا وَلَوْ فِيمَا بين الْإلْيَتَيْنِ، أما الاستمتاع بحلقة دبرها فحرام بالوطء خاصة، لخبر: إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن ـ رواه الشافعي وصححه. اهـ.
وجاء في كتاب الأشباه والنظائر: كل محرم فحريمه حرام إلا صورة واحدة لم أر من تفطن لاستثنائها، وهي دبر الزوجة، فإنه حرام، وصرحوا بجواز التلذذ بحريمه وهو ما بين الإليتين. انتهى.
وقال الخطيب في تحفة الحبيب: قوله: والتلذذ بالدبر بلا إيلاج جائز، شامل لمسه بذكره بلا إيلاج. انتهى.
وجاء في حاشية الدسوقي: قوله: فيجوز التمتع بظاهره ـ أي ولو بوضع الذكر عليه ـ والمراد بظاهره فمه من خارج، وما ذكره الشارح من جواز التمتع بظاهر الدبر هو الذي ذكره البرزلي قائلا: ووجهه عندي أنه كسائر جسد المرأة وجميعه مباح, إذ لم يرد ما يخص بعضه عن بعض، بخلاف باطنه. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء إلى القول بجواز استمتاع الزوج بظاهر دبر زوجته ولو بغير حائل بشرط عدم الإيلاج, لأنه كسائر جسدها, وجميعه مباح, إلا ما حرم الله من الإيلاج. اهـ.
ومحل هذا إن كان يعلم من نفسه عدم احتمال الوقوع فيما وراء ذلك، وإلا فإن عليه أن لا يفعل ذلك، لئلا يقع فيما حرم الله عليه، فإنه والحالة هكذه يكون، كما قال صلى الله عليه وسلم: كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه. رواه مسلم.
وقال المرداوي: وذكر ابن الجوزي في كتاب السر المصون: أن العلماء كرهوا الوطء بين الإليتين، لأنه يدعو إلى الدبر.
حكم إنزال ماء الرجل في دبر المرأة من دون إيلاجه؟
يجوز مداعبة الرجل زوجته في الدبر من دون إيلاج، ومعنى أن يبلغ الرجل من دبر زوجته ما يبلغه من فرجها، أي أن يدخل الحشفة أو قدرها لأن هذا هو الوطء الشرعي، فإذا حصل دخول الحشفة أو قدرها فقد وقع الحرام.
ومنه نعلم أن قول السائل (كأن يدخل نصفه أو رأسه) داخل في الحرام قطعاً، ومع هذا فإن البعد عن هذه المنطقة أولى لأن الشيطان يزين الحرام حتى يصعب على الشخص التراجع عنه، ومن علم من نفسه أنه لا يملك إربه فإن مقاربة هذا المكان حرام عليه، لأن ما أدى إلى الحرام أخذ حكمه.
اقرأ أيضا:
هل يجوز توكيل الابن البالغ فى طلاق أمه؟قانون الإيلاج في الدبر:
يجوز لكل من الزوجين أن يستمتع بجميع بدن الآخر، وأن ينظر إليه ويمسه حتى الفرج ، قال الله تعالى : ( هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ) البقرة /187 .
وأما مداعبة الزوج لزوجته فهو واحد من أمرين :
إما أن يكون ذلك عن طريق ملامسة حلقة الدبر ، وإما أن يكون عن طريق إيلاج الإصبع في الاست .
فأما عن الملامسة لحلقة الدبر بالإصبع فلا حرج في ذلك ، ولكن البعد عن ذلك أولى لعدم الانسياق لما وراءه .
وأما عن إيلاج الإصبع في الدبر فيمنع ، وذلك لأمور :
1- الدبر هو محل النجاسة المغلظة .
2- من علل منع الوطء في الدبر ملاقاة العضو للنجاسة المغلظة ، وكذلك إدخال الاصبع فيه ملامسة لعين النجاسة المغلظة بغير حاجة .
3- إن هذا الفعل مما تأنف منه الفطر السليمة والأذواق المستقيمة ، وإنما هو تقليد أعمى لمن انتكست فطرهم ، وتبلدت أذواقهم ، وجعلوا كل همهم إشباع شهوتهم الحيوانية غير مراعين أدباً ولا خلقاً ولا طهارة . فأراهم هواهم حسناً ما ليس بالحسن .
4- إن استمرار ذلك الفعل والمداومة عليه قد يجر الفاعل إلى ما هو أشنع وهو الوطء في الدبر، وتلك عادة من يتبع هواه في كل ما يزينه له فإنه يتدرج لإيقاعه في الأمور العظام بتزيين ما هو أخف ، ثم الانتقال به شيئاً فشيئاً حتى يوبقه ويقع في اللوطية الصغرى ( وطء المرأة في دبرها ) ، وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لذلك مثلاً جلياً جليلاً فقال : " إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ، ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ".
5- إن فيما شرع الله تعالى من الاتصال بين الزوجين غنى عن غيره ، ولم ينه الله تعالى عن شيء إلا وفيه ضرر .
وليعلم السائل أنه من تمام حكمة الله تعالى أنه إذا حرَّم شيئا ( الوطء في الدبر ) حرَّم الأسباب المفضية إليه لما يؤدي إليه الوقوع في أسباب ومقدمات المحرَّم من تمكُّن تعلُّق القلب به بصورة تجعل الإنسان يعيش صراعا نفسيا قويا بين الوقوع في المنكر أو عذاب النفس بالوقوف في وسط الطريق فلا هو بالتارك للمحرم السليم القلب بالبعد عنه ، ولا هو بالواقع فيه المحقق لرغبة النفس الأمَّارة بالسوء ، والغالب في حال مثل هذا أن يقع فيما ظنَّ أنه لن يقع فيه من الكبائر المهلكة للإنسان المفسدة عليه أمر دينه ودنياه المنغِّصة عليه حياته الماحقة للبركة في ماله وولده جزاءً وفاقاً لبعده عن ربه وانتهاكه لحرماته واستهانته بمقام نظره إليه واطِّلاعه على حاله ، والعاقل من الناس هو من لا يتساهل في أمور تؤدي به إلى كوارث حقيقية في دينه الذي هو رأس ماله قبل دنياه .
فعلى المسلم أن يدرك حقائق الأمور وما تؤدِّي إليه ، وألا ينساق وراء تزيين الشيطان له وتهوين المنكرات أمام عينيه ليجرَّه ليكون من حزبه الخاسرين ، وعليه أن يتقي الله ربَّه في السر والعلن وأن يعلم بأن الله سبحانه يراه ويعلم نواياه وأفعاله . كما قال تعالى : ( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) غافر / 19 ، وليعلم أن ما عند الله خير وأبقى وأن الآخرة وما فيها من نعيم خير له من الأولى وأن عاقبة الصبر عن المنكر جنة عرضها السماوات والأرض فيها ما تشتهييه الأنفس من المُتع التامَّة الخالية عن المنغِّصات .