نبي الله موسى عليه السلام هو كليم الله ، حيث أنعم الله عز وجل عليه بأن كلمه بشكل مباشر وحدث ذلك في مراتٍ مُحددة وفي أُمورٍ هامة ، من أهمها اختياره لهُ ، وفي أوقات حددها الله "ميقات" .
فكيف كان يسمع سيدنا موسى عليه السلام كلام الله وصوت الله؟.. والإجابة هي أن سيدنا موسى عليه السلام كان يسمع الصوت فقط ، ،فكان الله عز وجل يُرسل صوته فقط وبمشيئته وقُدرته وهو القادر على كُل شيء، وكان الصوت يأتي في المكان الذي يُحدده الله لهُ، ويسمعه موسى من جميع الاتجاهات ، وكان يُعطيه الله إشارات لذلك وأماكن يُحددها لهُ لسماع صوته ، ويقول لهُ أنا الله ، ليتلقى من الله ما هو مطلوب منهُ عن طريق صوته الذي أرسله لهُ من السموات العُلى ، لأن الله سُبحانه وتعالى لا يأتي إلى الأرض ، لأن كُرسيه الذي على العرش وسع السموات والأرض ، أما ما ورد من إتيانه أو نزوله للأرض ، فهذا يتم بمشيئته وعلى نفس الكيفية التي كلم بها نبيه ورسوله موسى عليه السلام.
كان الصوت يأتي في المكان الذي يُحدده الله لهُ ، ويسمعه موسى من جميع الاتجاهات
سمع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في المعراج كلام الله تعالى فوق سدرة المنتهى
{وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى } {إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَىالنَّارِ هُدًى }{فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى} {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}{وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَايُوحَى } {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَافَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَلِذِكْرِي }طه 8-11.
كان نبي الله موسى عليه السلام قد وعد بني إسرائيل الذين ءامنوا به واتبعوه أن يأتيهم بكتاب فيه تبيان معالم الشريعة وما يأتون وما يتركون، فلمّا أهلك الله تباركوتعالى فرعون مصر ومن اتّبعه من جنوده في البحر وأنجى بني إسرائيل، قالوا لنبيهمموسى عليه السلام: ائتنا بالكتاب الذي وعدتنا، فسأل موسى عليه السلام ربه ذلك،فواعده الله تعالى ثلاثين ليلة وأمره تعالى بالصيام فيها ثم يُتبعها بعشر ليالأخرى يصوم فيها موسى أيضًا ليسمعه كلامه ويعطيه التوراة وفيها الأحكام وتفاصيل الشريعة المطهرة، وقيل الثلاثون ليلة هي شهر ذي القعدة بكماله وأتمت أربعين ليلة بعشر من ذي الحجة. فصام موسى عليه السلام أربعين يومًا استكمل فيها الميقات الذي وعده فيه الله تعالى، فلما عزم على الذهاب لميقات الله تعالى استخلف في غيابه أخاه هارون عليه السلام على بني إسرائيل فوصّاه وأمره أن يخلفه في بني إسرائيل في غيابه مع أن هارون كان معه نبيًّا ورسولا في ذلك الوقت.
ولما جاء موسى عليه السلام لميقات الله تعالى أيفي الوقت الذي أمره تعالى بالمجىء فيه، رفع الله تعالى الحجاب المعنوي عن سمعهفكلمه تعالى من وراء حجاب، أي من غير أن يرى الله وذلك لأن الله متكلم أزلا وأبدًامن غير حرف ولا صوت كما قال أبو حنيفة في كتابه الفقه الأكبر لأن الكلام الذي يكونبحرف وصوت حادث لأن الحروف يتقدم بعضها عن بعض ويتأخر بعضها عن بعض فيستحيل أن يتكلم الله هكذا لأن هذا من الأعراض التي يشترك بها البشر وغيرهم من المخلوقات والله منزه عن الأعراض في ذاته وفي كل صفاته من علمه وقدرته وحياته.
ولما أعطي نبي الله موسى عليه السلام هذه المنزلة العالية وهي سماعه كلام الله تعالىا لأزلي، طلب عليه السلام من ربه عزَّ وجل أن يراه فقال: ﴿ربِ أرني أنظر إليك قاللن تراني﴾ [سورة الأعراف/143] وعلّق الله تعالى رؤية موسى له بثبات الجبل عند رؤيته تعالى، والله عالم في الأزل أن الجبل لن يثبت ولهذا قال الله تبارك وتعالى لكليمه موسى عليه السلام: ﴿ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني﴾ [سورةالأعراف/143] أي أن الله تعالى تجلّى للجبل بعد أن خلق فيه الإدراك والرؤية فاندكّالجبل دكّا وموسى عليه السلام ينظر إليه حتى خرّ عليه السلام مغشيَا عليه من هولما رأى من اندكاك الجبل، فلما أفاق عليه السلام من غشيته قال: سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين، قال تعالى: ﴿فلما تجلى ربُه للجبل جعله دكا وخر موسى صعِقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأناْ أول المؤمنين﴾ [سورة الأعراف/143]، أي وأناأول المؤمنين بأنك لا تُرى بالعين في الدنيا وذلك لأن الله لم يوحِ إلى موسى وإلى من قبله من الأنبياء أنه لا يُرى بالعين فيالدنيا، وقد ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليهوسلم: "لا تخيّروني من بين الأنبياء فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أولمن يفيق فإذا أنا بموسى ءاخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزيبصعقة الطور".
وليُعلم أن مذهب أهل الحق أن الله سبحانه وتعالى لا يُرى بالعين الفانية في الدنيا لقوله تعالى لكليمه موسى عليه السلام عندما سأله الرؤية: ﴿لن تراني﴾، وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"واعلموا أنكم لن تروا ربَّكم حتى تموتوا" وإنما يُرى الله سبحانهوتعالى في الآخرة بالعين الباقية يراه المؤمنون الذين ءامنوا بالله تعالى ورسله وهم في الجنة لا يشبه شيئًا من الأشياء بلا مكان ولا جهة ولا مقابلة ولا ثبوتمسافة ولا اتصال شعاع بين الرّائي وبينه عز وجل، يقول الله تعالى: ﴿وجوهٌ يومئذناضرة * إلى ربها ناظرة﴾ [سورة القيامة 22-23].
اظهار أخبار متعلقة
اظهار أخبار متعلقة
اظهار أخبار متعلقة