عامر عبدالحميد
عندما يذكر نشيد " طلع البدر علينا" يذكر معه حادث الهجرة، والاستقبال المهيب للرسول الكريم، عند دخوله المدينة والمنورة، والذي صار تأريخًا عربيًا خالصًا، حيث سجل لأكبر حدث في تاريخ الإسلام، وهو هجرة الرسول الكريم، وتأسيس أول دولة للمسلمين، والتي بدأت في عصر الرسالة.
لكن استقبال أهل المدينة للرسول الكريم كان له استقبال آخر ومهيب أيضا، وبنفس النشيد، وذلك بعد عودة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
وفي عودته صلى الله عليه وسلم- ، ولما أشرف على المدينة قال : «هذه طابة».
وعن العودة كما تروى عن الصحابة رضي الله عنهم أننا أقبلنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من غزوة تبوك حتى أشرفنا على المدينة قال: «هذه طابة.. أسكننيها ربي- تنفي خبث أهلها كما ينفي الكير خبث الحديد».
فلما رأى أحدا قال: «هذا أحد جبل يحبنا ونحبه، ألا أخبركم بخير دور الأنصار».
قلنا بلى يا رسول الله، قال: «خير دور الأنصار بنو النجار، ثم دار بني عبد الأشهل، ثم دار بني ساعدة» فقال أبو أسيد: ألم تر أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خير دور الأنصار فجعلنا آخرها دارا؟
فأدرك سعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله خيرت دور الأنصار فجعلتنا آخرها دارا. فقال: «أو ليس بحسبكم أن تكونوا من الخيار؟».
وفي تفاصيل الاستقبال يقول أحد الصحابة: أذكر أني خرجت مع الصبيان نتلقى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى ثنية الوداع مقدمه من تبوك.
ولما قدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- المدينة جعل النساء والصبيان والولائد يقلن:
طلع البدر علينا ... من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داع
ويقول ايضا أحد الصحابة: هاجرت إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- منصرفه من تبوك فسمعت العباس بن عبد المطلب يقول: يا رسول الله إني أريد أن أمتدحك؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «قل لا يفضض الله فاك»،فقال:
من قبلها طبت في الظلال وفي ... مستودع حيث يخصف الورق
ثم هبطت البلاد لا بشر ... أنت ولا نطفة ولا علق
وأنت لما ولدت أشرقت الأر ... ض فضاءت بنورك الأفق
فنحن في ذلك الضياء وفي ... النسور وسبل الرشاد نخترق
ولما قدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- المدينة بدأ بالمسجد بركعتين، ثم جلس للناس.
قال ابن مسعود: ولما قدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- المدينة قال: «الحمد لله الذي رزقنا في سفرنا هذا أجرا وحسنة».
وكان قدومه- صلى الله عليه وسلم- المدينة في رمضان وكان المنافقون الذين تخلفوا عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يخبرون عنه أخبار السوء، ويقولون: إن محمدا وأصحابه قد جهدوا في سفرهم وهلكوا.
فبلغهم تكذيب حديثهم وعافية رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، فساءهم ذلك، فأنزل الله تعالى: "إن تصبك حسنة تسؤهم".