عمر نبيل
كشفت أزمة كورونا الأخيرة، أسوأ ما فينا، وهي الضمائر الملتوية، التي تتعامل بمنطق المصلحة، وتلعب على استغلال احتياجات الناس، فعمدت إلى ارتفاع الأسعار، في ظرف لا يمكن لإنسان يحمل في قلبه ذرة رحمة أن يفعل ذلك.. لكنه الطمع الذي ملأ قلوب البعض، فأعماهم عن اتباع الحق.
وقد حذر النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم التجار من غلاء الأسعار لمجرد جشع منهم، فعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم فإن حقًا على الله أن يقذفه في جهنم».
اقرأ أيضا:
الإسلام لا يتربص بأتباعه ولا يتصيد أخطاءهم.. وهذا هو الدليلالاحتكار حرام
اتفق العلماء على أن المحتكر والمستغل ظروف الناس، إنما هو حرام لا شك فيه، واستدلوا على ذلك بالعديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة.
ومنها أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم حذر من أكل الحرام؛ وقد يأتي المال الحرام بسبب المغالاة التي منطلقها الجشع، فقال صلى الله عليه وسلم: «كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به».
ومع تفشي فيروس كورونا، ظهر بعض التجار الذين يحتكرون بعض الأمور الهامة للناس في مثل هذه الظروف، ومنها الكمامات والكحول والمطهرات، ونسوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حذر من ذلك قائلا: «لا يحتكر إلا خاطئ»، بل نسوا أن الله بذاته العليا حذر من أن انتشار الأوبئة إنما سببه فساد الناس، قال تعالى: «ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ » (الروم: 41).
عبرات التاريخ
وقد حذرنا الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم مرارًا من أمور تكون سبباً في الغلاء والقحط وكثرة الأمراض ومنها إشاعة الفاحشة والاحتكار، وغياب الضمائر.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معشر المهاجرين، خمس خصال إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله بأن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله يتخيروا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم».