موقف جميل  وجليل أيضا وقع لأحد الصحابة رضوان الله عليه وحين حدث معه بكى من شدة فرحه.

هل تصورت يوما أن يذكرك عظيم أو ملك من ملوك الدنيا باسمك ويعرفك بصفتك.. تخيل كم السعادة التي قد تأتيك حينما يحدث معك هذا.. إنه وصف لا تكاد تصدقه حين يقال لك هذا.. وانت تسأل: هل ذكرني هذا الأمير أو ذاك الوزير أو الرئيس باسمي؟.. فإن كانت الإجابة بالإيجاب طرت من الفرح ولا تستطيع كتم مشاعرك..

الموقف وقع مع الصحابي الجليل أبي بن كعب، وهو صحابي جليل من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتهر بحفظه وإتقانه للقرآن الكريم والعمل به فكان حافظًا لحروفه وأحكامه جميعًا معروفه بإتقانه وخشوعه للتلاوة حتى اشتهر بهذا..  ولم لا وهو أحد الأربعة الذين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤخذ منهم القرآن، لما في صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة من عبدالله بن مسعود فبدأ به وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب)).

فما الموقف الذي حدث مع هذا الصحابي الجليل حتى يبكي من  شدة فرحه؟

الموقف أن الله تعالى من فوق سبع سموات أوحي لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يقرأ سورة البينة على الصحابي الجليل أبي بن كعب؟ هل تخيل معي.. هذا؟

وحينما ذهب النبي صلى الله عليه وسلم يخبر أبي بهذا لم يصدق من شدة فرحه .. حتى استفهم رسول الله قائلا له : هل ذكرني الله لك بالاسم يا رسول الله وحينما أكد له الرسول صلى الله عليه وسلم هذا لم يتمالك أن بكى من شدة فرحه؛ ففي صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي: ((إن الله أمرني أن أقرأ عليك { لم  يكن الذين كفروا من أهل الكتاب}قال وسماني قال نعم فبكى).. بكى وحق له أن يبكي.. فمن يطيق فرحا وسرورا أكثر من ذلك .. الله يذكره باسمه صراحة تشريفا له وتعظيما.. نعم أبي بن كعب شهد العقبة مع السبعين، وشهد بدراً والمشاهد كلها مع رسول الله ص، وكان يكتب الوحي لرسول الله ص، ومن الذين حفظوا القرآن كله على عهد النبي ص، وهو أحد الذين كانوا يفتون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لكن ذكر الله أحد أهم فضائله التي يذكر بها.. فما أحرانا ونحن نستقبل شهر القرآن الكريم شهر رمضان المعظم ان نحسن الاستعداد له بتجديد علاقتنا بالقرآن تلاوة وحفظا وتدبرا وعملا.. لاسيما في هذه الأيام التي كثر فيها البلاء فالقرآن خير من نلوذ به ونتمسك به في هذه الظروف وللقرآن في رمضان منزلة خاصة؛ فرمضان شهر القرآن فيه نزل قال تعالى: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن.

ما أحرانا أن ننهج نهج هذا الصحابي الجليل أبي بن كعب الذي حفظه الله وذكره بسمه لأنه حفظ القرآن واجتهد في العمل به.  

  والله يحب من يذكره ويتباهى بهذا في الملأ الأعلى، روى البخاري ومسلم من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : يقول الله تعالى:أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة.