كسب الحسنات لم يعد الشغل الشاغل لكثير من الناس، بعد أن طغى البحث عن المكسب (المادي) على المكسب (الأخروي)، وبالتالي فإن أي حديث عن أمور بسيطة تؤتي نتائج كبيرة من الحسنات والتقرب إلى الله، قد يكون الحل (الأولي) لعودة الناس إلى طريق الله عز وجل، بعد أن شغلتهم الدنيا كثيرًا.
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة؟»، فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال: «يُسبح مئة تسبيحة فيُكتب له ألف حسنة أو يُحط عنه ألف خطيئة»، فكم من الوقت نضيعه في أمور أقل أهمية، فماذا لو شغلنا أنفسنا بالتسبيح لعشر دقائق فقط، مؤكد حينها سننال الألف حسنة، أو نحط عنا الألف خطيئة.
فضل التسبيح
مما لا شك فيه أن ذكر الله تعالى تجلب الطمأنينة والراحة والسكينة للقلوب، ويأتي في مقدمة الأذكار تسبيح الله تعالى، ونقصد بذلك أن يقول الذاكر: سبحان الله، إذ أنه حين نقول: سبحان الله فإننا ننزه الله تعالى عن كل نقص ونصفه بجميع صفات الكمال والجمال، وإننا بذلك نشارك هذا الكون التسبيح لله عز وجل، قال تعالى: « تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا» (الإسراء:44)، فالرعد والملائكة تسبح، قال تعالى: « وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ » (الرعد/13)، والجبال والطيور تسبح، قال تعالى: « وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ » (الأنبياء/79).
اقرأ أيضا:
ليست كلها ضدك.. أسباب تحول بينك وبين استجابة الدعاءأهل الجنة
أما نحن معشر المسلمين، فعلينا أن نعلم أن التسبيح هو سبيل أهل الجنة، واللفظ الذي يحفظونه عن ظهر قلب، ويظلون في ترديده دومًا، ففي صحيح البخاري رحمه الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الجَنَّةَ صُورَتُهُمْ علَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، لا يَبْصُقُونَ فِيهَا، ولَا يَمْتَخِطُونَ، ولَا يَتَغَوَّطُونَ، آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ، أَمْشَاطُهُمْ مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، ومَجَامِرُهُمُ الألُوَّةُ، ورَشْحُهُمُ المِسْكُ، ولِكُلِّ واحِدٍ منهمْ زَوْجَتَانِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِما مِن ورَاءِ اللَّحْمِ مِنَ الحُسْنِ، لا اخْتِلَافَ بيْنَهُمْ ولَا تَبَاغُضَ، قُلُوبُهُمْ قَلْبٌ واحِدٌ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وعَشِيًّا ».
ولمّ لا والتسبيح هو أفضل الكلام عند الله عز وجل، فقد ثبت عند مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبرك بأحب الكلام إلى الله؟» قلت: يا رسول الله أخبرني بأحب الكلام إلى الله، فقال: «إن أحب الكلام إلى الله: سبحان الله وبحمده»، وسُئل الإمام علي رضي الله عنه عن: "سبحان الله" ، فقال: (كلمة رضيها الله لنفسه فأوصى بها).