أخبار

ما الحكمة من موت الفجأة لبعض الناس دون أية مقدمات؟ (الشعراوي يجيب)

ليس كل الكذب مرفوضًا.. تعرف على الكذب المحمود

من هم أهل الحوض الذين سيشربون من يد النبي الشريفة يوم القياية؟ وماذا كانوا يفعلون؟

كيف تعرف خروج الكلام من القلب دون غيره؟

"لا يكلف نفسًا إلا وسعها".. تقصير الأبناء متى لا يكون عقوقًا للوالدين؟

أترضاه لأمك؟.. ماذا نفعل مع شواذ الأخلاق وخوارج الفطرة؟

تعرضت للتحرش 4 مرات في طفولتي ومراهقتي وأكره نفسي وأفكر في الانتحار وقتل رضيعتي.. أرشدوني

العفو من شيم الصالحين.. كيف أتخلق به؟

أتذكر المعصية بعدما تبت منها.. كيف أحفظ خواطري؟

تعرف على منزلة النية وأثرها في قبول الأعمال

في ظل "وباء كورونا".. كيف تعامل النبي مع الأزمات؟

بقلم | أنس محمد | الاثنين 20 ابريل 2020 - 01:26 م

 قد يضطر الإنسان للتكيف مع الأزمات، خاصة إذا كانت الأزمة مستمرة لفترة ليست قصيرة، ففي هذه الحالة لابد أن يبحث الإنسان عما ينظم به حياته، ويجد ملجأ النجاة من خلال التعاطي مع الأزمة، بأسلوب يضمن له البقاء وحفظ النفس التي أمر الله بها، في الوقت الذي دائما ما يتمكن اليأس من الإنسان فيدفعه إلى الاكتئاب والرغبة في التخلص من حياته.

وقد خلق الله الحياة، ووضع فيها العسر واليسر، كما وضع فيها الداء والدواء، والفقر والغنى والفشل والنجاح والنصر والهزيمة، والإنسان الإيجابي هو الذي يخرج من الكبوة إلى العبور، ويستطيع أن يتكيف مع الأزمة، حتى يكشف الله غمته ويكتب له الفلاح والنجاة، من المصائب وما يقع فيه من أزمات.


تعريف الأزمة

والأزمة في اللغة هي الشدَّة و الضيق، وفي معناها الاصطلاحيَّ هي حالة يواجهها الإنسان، تتعقد فيها الأمور بشكل مفاجئ ، فيفقد معها القدرة على السيطرة عليها أو على نتائجها المستقبلية، أي أنَّ الأزمة لحظة حرجة يواجهها صاحب القرار، يصعب عليه اتخاذ قرار حيالها على النحو المعتاد، و تضعه في مأزق القدرة على الاختيار والحسم في القرارات.

 موقف النبيِّ في مواجهة الأزمات

كلنا يعلم حادثة الإفك، و هي أزمة شديدة أصابت بيت النبوة، فقد كانت السيدة عائشة مع رسول الله في غزوة غزاها ، فلما أراد العودة كانت في حاجتها، ثم فقدت عِقْدَها ، فبحثت عنه، فلما عادت وجدت القوم قد ساروا، فانتظرت أن يفقدوها فيرجعوا إليها فغلبتها عينها و نامت، قالت : ” وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ قَدْ عَرَّسَ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ ، فَادَّلَجَ فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي ، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ ، فَأَتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي ، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي ، وَوَاللَّهِ مَا يُكَلِّمُنِي كَلِمَةً وَلَا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ ، حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ ، فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا ، فَرَكِبْتُهَا ، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِيَ الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ ، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ فِي شَأْنِي ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ شَهْرًا وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ وَلَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، وَهُوَ يَرِيبُنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لَا أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي ” .

 

اقرأ أيضا:

من هم أهل الحوض الذين سيشربون من يد النبي الشريفة يوم القياية؟ وماذا كانوا يفعلون؟

ثم إنها ـ رضي الله عنها ـ علمت بما اتَّهمها به المنافق عبد الله بن أبي ابن سلول من الزنا مع صفوان رضي الله عنه فاستأذَنَتْ رسولَ اللهِ أن تأتيَ أهلَها فلما تحدَّثت مع أمها علمت بانتشار الخبر بين الناس فقضت ليلتَها باكيةً ، قالت : ” وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ ، فَأَمَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ ، وَبِالَّذِي يَعْلَمُ فِي نَفْسِهِ لَهُمْ مِنْ الْوُدِّ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هُمْ أَهْلُكَ وَلَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا . وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ : لَمْ يُضَيِّقْ اللَّهُ عَلَيْكَ ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ ، وَإِنْ تَسْأَلْ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ . قَالَتْ : فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرِيرَةَ ، فَقَالَ : «أَيْ بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ مِنْ عَائِشَةَ» ؟ قَالَتْ لَهُ بَرِيرَةُ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ ، تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا ، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ .

فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ -:«يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ ، مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَ أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي؟ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا ، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا ، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي» . فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ : أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنْ كَانَ مِنْ الْأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ . فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ -وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ ، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا ، وَلَكِنْ اجْتَهَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ – فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ : كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ ، لَا تَقْتُلُهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ . فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ -وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ – فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ : كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ ، لَنَقْتُلَنَّهُ ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنْ الْمُنَافِقِينَ . فَثَارَ الْحَيَّانِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ ، وَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ … ثم جاءها رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ ، فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ : «أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ ؛ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا ، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ ؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبٍ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ» … فقالت رضي الله عنها : إِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ بِهَذَا حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي نُفُوسِكُمْ ، وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَإِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي بَرِيئَةٌ -وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ – لَا تُصَدِّقُونِي بِذَلِكَ ، وَلَئِنْ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ -وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ – لَتُصَدِّقُونَنِي ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ : [ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ] . ثم نزل الوحي ببراءتها فقَالَ صلى الله عليه و سلَّم :«أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ ، أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ» .

 

اقرأ أيضا:

كيف تعرف خروج الكلام من القلب دون غيره؟

و لعلَّ أول خطوة ظهرت في تعامل النبي صلى الله عليه و سلَّم مع هذه الأزمة الشخصية استشارته لأصحابه ، أو ما نطلق عليهم ذوي الخبرة ، وإلى جانب هذه الاستعانة كانت الشورى حاضرة عند تعلُّق هذه الأزمة بالشأن العام ، فقد أشار رسول الله صلى الله عليه و سلَّم إلى الرجل الذي أساء لأهله ، و بيَّن أنَّه لن يحكم فيه حكماً لا يكون المسلمون مؤيدين له ، فالطبيعة الاستبدادية عاجزة تماماً عن التعامل مع الأزمة ، و إنَّما تحلُّ الأزمات بالتعاون و التشاور و عدم الاستبداد بالرأي أو الاعتداد بالقوَّة على حساب الفكر .

 

وبالرغم من شدة الأزمة سعى النبي صلى الله عليه وسلم لمحاولة إدارتها ثم تجاوزها و القضاء على آثارها ، كل ذلك بالهدوء و الحكمة ، و من أخطر ما يواجه صاحب القرار عند حصول الأزمة عدم قدرته على ضبط مشاعره و تصرفاته .

 

فضبط الأعصاب يحتاج إلى تربية النفس على الصبر، و عدم التعجل في الحكم أو التَّصرُّف ، فالصبر مفتاح الفرج ، و قد انتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فترة، و لم يستعجل القرار ، فقد كانت التؤدة و التريُّث وتقليب الأمر سمة بارزة في تعامله مع الأزمة مع طبيعة الظرف ـ من جانب ـ و النظرة الاجتماعيَّة المعروفة آنذاك ـ من جانب آخر . فقد جاءت فرصة لأعداء الإسلام ليستغلوها في الطعن في عرض رسول الله و الكلام في طهارة أهله لكنَّ الصبر كان سلاحه الناجع صلى الله عليه و سلَّم في مواجهتهم .

 

اقرأ أيضا:

"لا يكلف نفسًا إلا وسعها".. تقصير الأبناء متى لا يكون عقوقًا للوالدين؟

أزمة أخرى واجهها صلوات الله و سلاماته عليه ، لكن ذات طبيعة مختلفة ، إذ كانت أزمة متعلِّقة بالشأن العام ، و فيها الحاجة إلى السياسة و إدارة الصراع و التعامل مع عدو الخارج ، و قد تخطَّاها رسول الله صلى الله عليه و سلَّم بحكمته كما هو شأنه مع الأزمة الخاصَّة ففي غزوة الخندق حوصر المسلمون من كل مكان ، و زاد الطينَ بِلَّة نقْضُ اليهود لعهدهم مع المسلمين ، فغدا المسلمون محاصرين من الداخل و الخارج .

 

بدأ النبيُّ صلى الله عليه و سلَّم بالتفكير في المخارج من هذه الأزمة التي أحدقت بالمسلمين و كانت ـ لولا عناية الله ـ يمكن أن تستأصل شأفتهم . فاقترح حلاً سياسياً يفاوض به بعض مَنْ حاصروا المسلمين ، ليردَّهم عن تألبهم مع غيرهم من العرب ، ثم استشار أصحابه في ذلك ، إذ بعث إلى عيينة بن حصن، والحارث بن عوف المري، وهما قائدا غطفان، وأعطاهما ثلث ثمار المدينة على أن يرجعا بمن معهما عنه وعن أصحابه ، فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل ذلك بعث إلى السعدين فذكر لهما ذلك واستشارهما فيه، فقالا: يا رسول الله أمرًا تحبه فنصنعه ، أم شيئًا أمرك الله به لا بد لنا من العمل به، أم شيئًا تصنعه لنا؟

فقال صلى الله عليه وسلم: بل شيء أصنعه لكم، والله ما أصنع ذلك إلا لأني رأيت العرب رمتكم عن قوس واحدة، وكالبوكم من كل جانب، فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم .

فقال له سعد بن معاذ: يا رسول الله قد كنا وهؤلاء على الشرك بالله وعبادة الأوثان لا نعبد الله، ولا نعرفه، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة واحدة إلا قِرى أو بيعًا، أفحين أكرمنا الله بالإسلام، وهدانا له، وأعزنا بك، وبه، نعطيهم أموالنا؟ ما لنا بهذا من حاجة والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم بيننا وبينهم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنت وذاك.

 

أولما فعل النبي صلى الله عليه وسلم هو محاولة التخفيف من أثر الأزمة على المسلمين، ثم تلا ذلك الشورى، و لم يتردد صلى الله عليه و سلَّم لحظة في الاستجابة للشورى، و أن يتراجع عمَّا شرع فيه فمقصود الحاكم العدل مصلحة الأمة ، فإن رأى اجتهاده لا يحقق مصلحتها فلا يتوانى لحظة عن الاستجابة لما يشير به عليه حكماؤها .

 

وحين بلغ النبيَّ صلى الله عليه و سلَّم نقض يهود بني قريظة لعهدهم معه ، و تحالفهم مع العرب الذين حاصروا المدينة ، أعطى دروساً مهمة في التعامل مع الأزمات حال احتدامها ، فلم يقبل الخبر على عواهنه، بل أراد أن يتثبَّت من الأمر أولاً ، و هنا تبرز حكمته في التعامل الهادئ مع الأزمات ، فالتثبُّت من الأخبار ، و التعامل معها وفق القواعد اللازمة في التحقق منها شرط مهم لنجاح التعامل مع الأزمة و محاولة التقليل من الأخطاء خلالها . لذا نجده يرسل اثنين من قادة الأنصار ليستطلعوا الخبر و يوصيهما قائلاً : (إن علمتما خيراً فأذيعا) أي: إن كان الأمر أن القوم على عهدهم فانشروا ذلك بين الناس ؛ لتثبت القلوب، (وإن كان غير ذلك؛ فالحنوا لي لحناً لا يعرفه غيري) أي: قولوا قولاً ليس صريحاً لا يفقهه سواي؛ حتى لا ينتشر الخبر فيكون فاتَّاً في عضد الأمَّة، فلما تأكدوا من غدرهم أسرُّوا لرسول الله صلى الله عليه و سلَّم ، فقال: (أبشروا، الله أكبر!) فكان ذلك رفعاً لمعنويات المسلمين على الرغم من الأخطار المحدقة بهم .

اقرأ أيضا:

أترضاه لأمك؟.. ماذا نفعل مع شواذ الأخلاق وخوارج الفطرة؟

الكلمات المفتاحية

التعامل مع الأزمة كيف أدار النبي الأزمات النوائب

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled قد يضطر الإنسان للتكيف مع الأزمات، خاصة إذا كانت الأزمة مستمرة لفترة ليست قصيرة، ففي هذه الحالة لابد أن يبحث الإنسان عما ينظم به حياته، ويجد ملجأ الن