ذكر الله لنا أنواعًا من الشهوات التي جُبِلَت النفوس على محبتها، ما بين الحلال والحرام، فقال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران:14].
ففي الآية ذكر أنواع من
الشهوات وهي: النساء، والبنين، والأموال، والحيوان، والحرث، وقدّم الله أشد الشهوات وأقوى الفتن وهي النساء، فإن فِتنتهن أعظم فِتن الدنيا، ثم ذكر البنين المتولدين من النساء، ثم ذكر شهوة الأموال لأنها تُقصد لغيرها فشهوتها شهوة الوسائل، وقدَّم أشرف أنواعها وهو الذهب ثم الفضة بعده، ثم ذكر الشهوة المتعلقة بالحيوان الذي لا يُعاشِر عشرة النساء والأولاد، فالشهوة المتعلِّقة به دون الشهوة المتعلِّقة بهم، وقدَّم أشرف هذا النوع وهو الخيل فقدَّمها على الأنعام التي هي الإبل والبقر والغنم، ثم ذكر الأنعام وقدَّمها على الحرث لأن الجمال بها، والانتفاع أظهر وأكثر من الحرث".
ومن الشهوات أعراض قلبية مركوزة في النفس البشرية كالعجب والخيلاء، والقهر والاستعلاء، والغضب، وحب الثناء والمدح، وحب الميل إلى النوم، والإخلاد إلى الراحة، وهذه الأعراض مما لا يكاد يَسلم منه إلا من عَصم الله.
ومن عواقب اتباع الشهوة، تحدث أمراض القلب، قال تعالى : {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} [البقرة من الآية:10]، والضلال عن الحق بسبب سكر الشهوة، فقال تعالى في قوم لوط: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر:72]، وهذا السكر أشد من سكر الخمر، فإن سكر الخمر يكون يومًا أو قريبًا من يوم، وأما سكر الشهوة والمحبة الفاسدة فقوي دائم، وقد يصل إلى الجنون.
اقرأ أيضا:
كلما رأيت الخير.. أسرع الخطى إليهكيف ابتعد عن الشهوات؟
هناك علاقة وثيقة بين شهر رمضان وبين الابتعاد عن الشهوات، لما في الصيام من أثر طيب على الحد من الشهوة، والانتصار عليها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " الصيام جنة".
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في روشتة علاجه للشباب غير القادر على الزواج: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباء فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء".
ولا يخفى على أحد أننا نعيش اليوم في زمن انتشرت فيه الشهوات وأصبح الوصول الى الشهوات من أسهل الأمور التي يمكن على الانسان القيام بها والحصول عليها في عصرنا هذا ولا شك أن هناك نتائج عكسية ورجعية للشهوات فهي تساهم في وقوع الانسان وخاصة الشباب في المعاصي.
وتعد الشهوة بلاءا من الله عز وجل حتى يختبر القوة الايمانية عند الانسان وصبره على الشهوة وعلى المعصية وصبره في سلوك طريق الطاعة والايمان.
وهناك أسباب عديدة توقع الانسان في الشهوات ومن أعظم هذه الأسباب هو الفراغ الذي يقتل الإنسان ويكون ذلك بسبب عدم توفر فرص العمل التي تساهم في شغل الإنسان بأموره الحياتية.
ولا شك أن قضية الوقوع في الشهوات والمعاصي والغرق بها يؤدي كل ذلك إلى تدمير نفسية الإنسان وذلك لبعده الشديد عن طاعة الله عز وجل وقربه من المعاصي والذنوب التي تدمر القلب وتجعله شديد السواد.
لذلك من أفضل طرق العلاج للتغلب على الشهوة مع دخول شهر رمضان، أن يجتهد المرء على نفسه حتى يصل إلى المنهج الذي يقيه من شر الشهوات والوقوع فيها.
التحصن بعدة أمور ومن أهم هذه الأمور هو تقوية وتنمية البناء الديني والايماني ويكون كل ذلك بالعمل الدؤوب من الانسان في الصلاة والعبادة والطاعة والتقرب إلى الله عز وجل .
ومن الأمور التي تساعد الانسان أيضا الدعاء حيث أن الدعاء يعد من أهم الأمور التي تساعد الانسان في الابتعاد عن الشهوات والمعاصي ونحو ذلك.
وليس أفضل من سد الفراغ واشغال الوقت وهذه تعد من أهم الأمور التي على الانسان أن يتمتع بها حتى تصبح الشهوة عنده بمثابة شيء ثانوي لا وقت لها ونحو ذلك .