انفردت السيدة البتول
فاطمة الزهراء بصفات ونفحات، لم تؤت لأحد غيرها من نساء العالمين كما ذكر النبي الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، فلم يشاركها تلك المكانة سوى القليل من النساء مثل مريم بنت عمران، وترجع في فضلها لأنها من أكثر من عانى وقاسى مع أبيها النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث كانت هي الراعية له على الرغم من صغر سنها وقسوة الظروف المحيطة بها، لذلك كان يطلق عليها النبي صلى الله عليه وسلم "أم أبيها" نظرًا لحمل هم النبي ورعايته والقيام على شئونه.
وسميت بأم أبيها لأن النبي صلى الله عليه و سلم ولد يتيماً ، و لم يجد أباه، ثم ماتت أمه و هو طفل صغير، و قد توفيت آمنة بنت وهب و عاش في بيت أبي طالب تحنو عليه فاطمة بنت أسد و تعلق قلبه بها آنذاك ..، و لقد كان يناديها يا أماه، و عندما توفيت حزن عليها حزناً شديداً و رزقه الله فاطمة،و كلما رآها ذكر فاطمة بنت أسد،و تسلى بابنته عنها، و لهذا كناها أم أبيها...و لأنها كانت أصغر بنات الرسول صلى الله عليه و سلم و كانت في البيت وحدها بعد وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها فتولت رعاية الرسول صلى الله عليه و سلم و السهر عليه.
وبحسب السيدة فاطمة من شرف ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم عنها، حينما جعلها في قائمة ماكمل من النساء وهن أربع، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: " كمل من النساء أربعة: مريم بنت عمران وأسيا امراة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة ".
والسيدة فاطمة بنت النبي هي سيدة نساء العالمين ،البضعة النبوية، والجهة المصطفوية، وأم أبيها ، بنت سيد الخلق أبي القاسم محمد بن عبد الله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشية الهاشمية، وأم الحسنين.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهاوأمها السيدة خديجة بنت خويلد.
قال الواقدي " أنها ولدت والكعبة تبني، والنبي صلى الله عليه وسلم ابن خمس وثلاثين سنة".
تزوجها الامام علي بن أبي طالب ، من سنة اثنتين بعد وقعة بدر، ودخل بها بعد وقعة أحد، فولدت له الحسن، والحسين، ومحسنا، وأم كلثوم، وزينب.
وروت عن أبيها، وروى عنها ابنها الحسين، وعائشة، وأم سلمة، وأنس بن مالك، وغيرهم.
حب النبي لها
كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبها ويكرمها ويسر إليها ، حيث كانت صابرة دينة خيرة صينة قانعة شاكرة لله.
وقد غضب لها النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن أبا الحسن هم بما رآه سائغا من خطبة بنت أبي جهل، فقال صلى الله عليه وسلم: " والله لا تجتمع بنت نبي الله وبنت عدو الله، وإنما فاطمة بضعة مني، يريبني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها " فترك علي الخطبة رعاية لها، فما تزوج عليها ولا تسرى، إلا بعد وفاتها.
ولما انتقل النبي صلى الله عليه وسلم حزنت عليه، وبكته، وقالت: يا أبتاه ! إلى جبريل ننعاه ! يا أبتاه ! أجاب ربا دعاه ! يا أبتاه ! جنة الفردوس مأواه ! وقالت بعد دفنه: يا أنس، كيف طابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله.
وقد قال لها في مرضه: إني مقبوض في مرضي هذا. فبكت. وأخبرها أنها أول أهله لحوقا به، وأنها سيدة نساء هذه الامة.
فضحكت، وكتمت ذلك. فلما انتقل النبي صلى الله عليه وسلم، سألتها السيدة عائشة. فحدثتها بما أسر إليها.
وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها: جاءت فاطمة تمشي ما تخطئ مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقام إليها صلى الله عليه وسلم وقال: " مرحبا بابنتي ".
وقد انقطع نسب النبي صلى الله عليه وسلم إلا من قِبل السيدة فاطمة ; وصح أن النبي صلى الله عليه وسلم جلل فاطمة وزوجها وابنيهما بكساء، وقال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ".
وعن أبي هريرة: نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي وفاطمة والحسن والحسين، فقال: " أنا حرب لمن حاربكم، سلم لمن سالمكم ". رواه الحاكم في " المستدرك ".
دخولها الجنة
وعن حذيفة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " نزل ملك فبشرني أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ". وروي من وجه آخر عن المنهال، رواهما الحاكم.
وعن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعا: " أفضل نساء أهل الجنة خديجة وفاطمة ".
وعن الشعبي، عن سويد بن غفلة، قال: خطب علي بنت أبي جهل إلى عمها الحارث بن هشام، فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " أعن حسبها تسألني " ؟ قال علي: قد أعلم ما حسبها.
ولكن أتأمرني بها ؟ فقال: " لا، فاطمة مضغة مني، ولا أحسب إلا أنها تحزن أو تجزع " قال: لا آتي شيئا تكرهه.
وعن عكرمة، عن ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم، وآسية ".
وعن المنهال بن عمرو، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين قالت: ما رأيت أحدا كان أشبه كلاما وحديثا برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة، وكانت إذا دخلت عليه قام إليها، فقبلها، ورحب بها، وكذلك كانت هي تصنع به.
من أسماء وألقاب السيدة فاطمة الزهراء
• "فاطمة" : أخرج الحافظ أبو القاسم الدمشقي أنه صلى الله عليه وسلم قال : "يا فاطمة لِمَ سميت فاطمة ؟ قال علي : لِمَ سميت فاطمة يا رسول الله ؟ قال : إن الله قد فطمها وذريتها من النار " [الصواعق المحرقة]
روى الديلمي عن أبي هريرة: "إنما سميت فاطمة لأن الله فطمها ومحبيها عن النار".
• الزهراء : يقال : بأنها كانت بيضاء اللون مشربة بحمرة ، وكانت العرب تسمي الأبيض المشرب بالحمرة بالأزهر ومؤنثه الزهراء. وهناك قول : أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو من سماها بالزهراء لأنها كانت تزهر لأهل السماء كما تزهر النجوم لأهل الأرض، وذلك لزهدها وورعها واجتهادها في العبادة.
• البتول : تعددت الأقوال حول هذه التسمية، منها:
-ذكر الإمام النووي : قال العلماء : التبتل هو الانقطاع عن النساء وترك النكاح انقطاعا إلى عبادة الله ،وأصل التبتل القطع ومنه مريم البتول وفاطمة البتول لانقطاعهما عن نساء زمانهما دينا وفضلا ورغبة فى الآخرة . وقال الطبرى : التبتل هو ترك لذات الدنيا وشهواتها والانقطاع إلى الله تعالى بالتفرغ لعبادته. [شرح النووي على مسلم]
-قال الإمام ابن حجر العسقلاني : وقيل لفاطمة البتول أما لانقطاعها عن الأزواج غير علي ،أو لانقطاعها عن نظرائها في الحسن والشرف.[فتح الباري]
• الحوراء الأدمية : لقوله صلى الله عليه وسلم : "ابنتي فاطمة حوراء آدمية لم تحض ولم تطمث...".
أم الأئمة: ذكر أبو الفرج الأصفهاني : "وكانت أول هاشمية تزوجها هاشمي وهي أم سائر ولد أبي طالب .. ". [الأغاني]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كان يومُ القيامةِ قيل : يا أهلَ الجمعِ غُضُّوا أبصارَكم حتى تمرَّ فاطمةُ بنتُ محمدٍ ،فتمرَّ وعليها رَيْطَتان خضراوان".