اسم الله الجليل.. يتجلى عليك فلا يحوجك للئيم
لو كشفت عن قلب المؤمن.. لوجدت جلال الله هو المانع من المعصية والدافع للطاعة
إذا حدثتك نفسك بالدنايا وسوء الفعال فتذكر اسم الجليل الذي يجل عبادة من النقائص
ذكر الله يزيل الحجب بينك وبينه.. من شهوات ومعاص
قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، إن من أسماء الله الحسنى، اسم الله "الجليل"، والذي لم يرد في القرآن لكن ورد مشتقًا منه في سورة الرحمن: "كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ"، وفي نهاية السورة: "تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ".
وأضاف في عاشر حلقات برنامجه الرمضاني، "
كأنك تراه" أن "الجليل من له العز والغنى والقدرة والعظمة، وهو سبحانه أهل لأن يوصف ذلك، فإن كل ما في العالم من جلال وكمال وحسن وبهاء هو من أسرار الجليل".
وأشار إلى أن الجليل هو الذي يكشف للقلوب بعض أوصاف عظمته وجلاله.. ومن الصعب الإحاطة باسم الجليل "ولا يحيطون بشيء من عمله إلا بما شاء" إلا بالقدر الذي سمح الله به".
ولفت إلى المواطن التي يذكر فيها اسم الله الجليل، "ومن ذلك أنه "في دعاء ختم الصلاة يقال: اللهم أنت السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، وعندما تقف أمام منظر طبيعي تسكن نفسك وتهدأ وتتأثر .. هذا من أثر اسم الله الجليل لماذا؟ تجلى على الكون فملأ قلبك بالجلال، لكن الناس تقف على جمال المنظر ولا تنتقل إلى جلال الخالق".
وتابع خالد: "لو كتب الله زيارة بيته الحرام، لشعرت بجلال الكعبة وعظمتها، فما بالك برؤية الله عز وجل. وفي الصحيحين من حديث جرير بن عبد الله البجلي قال: كنا جلوسًا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة، فقال: "إنكم سترون ربكم عيانًا كما ترون هذا، لا تضامون في رؤيته"".
وأشار إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئًا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة؟ وتنجنا من النار؟. قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل" ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة".
ومضى قائلاً: "لو كشفت عن قلب المؤمن، لوجدت جلال الله هو المانع من المعصية والدافع للطاعة "ولمن خاف مقام ربه جنتان"، فجلال الله واستشعار عظمته هو الدافع والمحرك للطاعة وترك المعصية "رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه". هذا الاسم علم على تعظيم الله في قلوب المؤمنين، والجليل هو الذي يجل المؤمن ورفعه عن أن يحوجه للئيم أو خبيث أو يذله لعدوه: "ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً".
وقال إن "الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: "والله والله مرتين لحفر بئرين بإبرتين، وكنس أرض الحجاز بريشتين، ونقل بحرين زاخرين بمنخلين، وغسل عبدين أسودين حتى يصيرا أبيضين، أهون عليّ من طلب حاجةٍ من لئيمٍ لوفاء دين".
وعلق "خالد": "فلو تجل الله عليك باسم الجليل لم يحوجك للئيم، ولم يجعل للئيم عليك سلطان. كلما زاد جلال الله في قلبك، كلما زاد جلالك في قلوب الناس حتى أعدائك. وحسن الخلق هو نصيبك من اسم الجليل.. إذ أن الحشري.. الذليل.. البذيء لا يمكن أن يكون جليلاً".
وتابع ناصحًا: "إذا حدثتك نفسك بالدنايا وسوء الفعال فتذكر اسم الجليل الذي يجل عبادة من النقائص. استح من الجليل.. تواضع بين يدي الله الجليل.. إني والأنس والجن في نبأ عظيم.. لذلك حديث النبي: "أَلِظُّوا (أكثروا) بِيَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ".
وحث على الإكثار من ذكر الله"، حتى يكون لك نصيب من جلال الله عليك، وأثر منه في حياتك، فإن الأمراض إذا أصابت القلوب كان دواؤها الذكر. في القلب خوف لا يطمئن إلا بذكر الله.. في القلب قلق لا يثبت إلا بذكر الله.. في القلب جشع لا يغني القلب إلا ذكر الله.. في القلب تشتت لا يجمع شتات القلب إلا ذكر الله.. في القلب حزن لا يخفف إلا بذكر الله .. في القلب شهوات ومعاص لا يقوى القلب شيء أمام المعاصي إلا ذكر الله.. في القلب غفلة مميتة.. لا يحيى موت القلب إلا ذكر الله "أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ".
وأكد خالد أن "الذكر يزيل الحجب بينك وبين الله.. فهناك حجب كثيرة تحجبك عن الله.. شهوات ومعاص.. ديون وعيال .. قيل بينك وبين الله ألف حجاب، لكن الله أقرب إليك من حبل الوريد .. كيف؟.. الحجاب موجود بينك وبين الله وليس بين الله وبينك .. الله لا يحجبه شيء .. أنت حاجب نفسك، أما الله فلا.. فليس الحجاب من جهة الرب ولكن من جهة العبد".
وأكمل قائلاً: "القرب والبعد منك أنت إليه أما هو فقريب: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ" .. "إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ" هو قريب، لكنك أنت المحجوب.. أزل الحجب بالذكر تجده أقرب إليك من حبل الوريد.. بعد الذكر اليومي ستشعر بالخوف على نفسك من الذنوب حتى لا يحرمك الله من حلاوة القرب منه".
وقص خالد كيف أن رجلاً عصى الله، فرأى رؤيا وهو يقول: يارب أذنبت ولم تعاقبني.. فسمع: قد عاقبتك وأنت لا تدري.. ألم أحرمك لذة مناجاتي.. قيمة المناجاة لا تعني شيئًا عند أناس كثيرين، لكنها ستساوي كثيرًا عندك بعد عدة أيام من الذكر.