يمشي الشاب متبخترًا بجسمه وبنيانه، لا يخشى الله ولا الناس، يستفز هذا، ويعتدي على ذاك، ويتحرش بأخرى، وينسى أن الله يراقبه، وينسى أنه كما يفعل في الناس، سُيفعل فيه أيضًا، لأنه كما تدين تدان، كما يقول أبو الدرداء رضي الله عنه: «البر لا يبلى، والإثم لا ينسى، والديان لا يَنام، فكن كما شئت، كما تدين تدان».
فاحرص عزيزي المسلم، أن يكون عملك دائمًا خير، حتى يتذكره الناس، ويدافعون عنك يومًا قد تحتاج فيه إليهم، ثم يكافئك الله بما تفعل مخلصًا له، من غير أذى، أو اعتداء.
يحكى ان تاجرًا ذا صيت وشهرة عالية بين التجار كان يعمل ببيع وشراء الذهب، وكانت كلما تدخل إليه امرأة لا يتورع عن مغازلتها وإلقاء الكلمات المعسولة على أذنها حتى تخرج من عنده، وكان يشعر دائمًا أنه لا يوجد حرج فيما يفعله فهو يقدر زبائنه ويمدحهم، ونسى أن الله حرم على المسلمين الكلام مع النساء لغير الضرورة وفي حدود الأدب والمعروف كما أن عادتنا العربية تدعونا إلى احترام المرأة والتأدب معها.
وفي أحد الأيام وبينما هو جالس في دكانه وجد سيدة أرادت شراء بعض الأساور الذهبية، وبالفعل جلست تختار منها وهي في غاية التحفظ والأدب، وعندما اختارت إحداها جلست تلبسها في يدها لتجربها فلم تستطع، فعرض عليها التاجر المساعدة، وبينما هو يساعدها في إدخال الأساور حتى ضغط بيديه على يديها بطريقة تنم عن المغازلة، فما كان من المراة إلا أن قامت فزعة وتركت الأساور وغادرت المحل وهي في حالة كبيرة من الغضب، جلس بعدها التاجر يضحك ولم يلتفت إلى غضب المرأة من أفعاله.
بعد انتهاء اليوم عاد التاجر إلى بيته كعادته فوجد زوجته منهارة في البكاء فسألها عن السبب والسر وراء كل هذا البكاء فأجابته والدموع منهمرة من عينيها، أنها اعتادت كل يوم أن يأتيها السقا لملء الجرار بالماء، وفي كل يوم يأخذ منها الجرار بمنتهى الأدب وبدون أي مضايقة ويرجعها مرة أخرى إلا اليوم، فعندما هم لأخذ الجرار قام بفعل غريب فسألها الزوج ماذا فعل ؟، فأجابت قام بمغازلتي وضغط على يدي أثناء مناولته الجرار فما كان مني إلا أن طردته، وأغلقت الباب في وجهه ولم استطع بعدها القيام بأي عمل في المنزل فقد أحست بالإهانة من ذلك السقا عديم الأدب.
بعد استماع التاجر لزوجته تذكر المرأة التي كانت في دكانه في الصباح وكيف أنه فعل نفس الفعلة بها وأن رد المرأة كان مماثلاً لرد زوجته فقال قولته المشهورة: "دقة بدقة ولو زدت لزاد السقا"، فقد علم جيدًا انه لو كان تمادى في أفعاله مع المرأة، كان السقا زاد في فعلته.
ويروى أن رجلاً خرج لرعي الغنم مع زوجته، فالتقى امرأة فأراد أن يواقعها فطلب من زوجته أن تذهب بعيدًا أسفل الجبل، بحجة رعي الغنم في مكان أفضل، فلما ذهبت امرأته، راود الأخرى عن نفسها، فطلبت منه نصف غنمه فوافق، ثم طلبت غنمه كله فوافق، وإذ برجل آخر يأتيه ويسمع القصة، فيتعجب ويقول له: يا هذا لو ذهبت أسفل الجبل، لوجدت امرأة تعرض نفسها دون مقابل.. انظر كيف كان هو يفعل، وكيف كانت زوجته تفعل، فالخبيثون للخبيثات لاشك.
اقرأ أيضا:
صيفك عبادة وفرحة بلا معاصي: كيف نغتنم الإجازة الصيفية بما يرضي الله؟