كثير من الناس بات يتصرف كما أنه لو كان قلبه قسى، أو حل محله حجر، بل أن البعض ممن قست قلوبهم، يتفاخر بقسوة قلبه، وهو لا يدري أنه في محنة كبيرة، نسأل الله عز وجل جميعًا ألا يوقعنا فيها، وهي قسوة القلوب.. و قد توعد الله جل جلاله صاحب القلب القاسي بالويل فقال « فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ » (الزمر: 22).

لكن علينا أولا أن نعلم ما هي الأسباب التي تقسي القلوب، وهي لاشك تبدأ بالاغترار في الدنيا والسير خلفها عميًا، حتى إذا دخل أهل الباطل جحر ضب دخلنا خلفهم دون دراية أو وعي، فترى هذا الإنسان يضحي بكل شيء من أجل الدنيا ، فيضحي بصلاته ، وبأرحامه ، وبأصدقائه وخلانه ، بل يضحي بمبادئه وأخلاقه ، مع أن الله عز وجل ينادي: « يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور».

الصحبة السيئة

أيضًا مما يقسو القلب، الصحبة السيئة، فالمرء على دين خليله، وقد اتفق العقلاء على أن الصاحب (يسحب صاحبه)، ويجره إلى ما يريد جرًا، فكم من صاحب جر صاحبه إلى السرقة ، وكم من صاحب جر صاحبه إلى الزنا وإلى القتل وإلى ترك الصلاة وغيرها من المنكرات والموبقات.

ومثل هذه الصحبة ستنقلب على أصحابها يوم القيامة خزيًا وندامة وعداوة، قال تعالى يؤكد ذلك: « الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين »، ولاشك سيندم كل من صاحب الفاسقين حين لا ينفع الندم.

قال تعالى: «ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا. يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا. لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا».

اقرأ أيضا:

سنة نبوية مهجورة .. من حرص علي إحيائها قربه الله من الجنة

علاج قسوة القلب

أما عن العلاج من قسوة القلب، فعلى الإنسان أن يداوم على الاستغفار والذكر، فإنها من تقوى القلوب، فإن اتقت هذه القلوب، زالت قسوتها لاشك، فقسوة القلب هي نتيجة طبيعية للمعاصي والخطايا بشكل عام، ولكن ثمة عامل له خصوصية في إنتاج قسوة القلب، وهو بكل اختصار: (البعد عن ذكر الله وعن طريقه).

يقول الله تعالى: « أَلَمْ يَانِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ » (الحديد: 16).

وعن هذه الآية العظيمة، يقول عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه: «ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله عز وجل بهذه الآية إلا أربع سنين»، فهذا حال صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف بنا نحن الآن؟.