يمثل شهر رمضان فرصة سنوية لمن يلتمس طريق العودة إلى الله، والتقرب منه، والحصول على عظيم الأجر منه، فهي أيام خير، يستحب فيها الإكثار من الطاعة، والاستغفار إلى الله، عسى الله أن يعفو عما مضى من ذنوب.
وقد فضل الله بعض الأيام على بعض، ولا خلاف في أن الأيام الوترية في العشر الأواخر من رمضان هي الأعظم على الإطلاق بين سائر أيام هذا الشهر، لما ورد أن فيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يلتمس ليلة القدر في الأيام الوترية في العشر الأواخر من رمضان.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأوسط من رمضان، فاعتكف عامًا، حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين، وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافه، قال: (من كان اعتكف معي، فليعتكف العشر الأواخر، وقد أريت هذه الليلة، ثم أُنسيتها، وقد رأيتني أسجد في ماء وطين من صبيحتها؛ فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر)، فمطرت السماء تلك الليلة، وكان المسجد على عريش، فوكف المسجد، فبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبهته أثر الماء والطين، من صبح إحدى وعشرين. (رواه البخاري)
اقرأ أيضا:
ثلاث مهلكات للمسلم وثلاث منجيات.. تعرف عليهاوروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تحرَّوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان".
وروى مسلم عن سالم، عن أبيه رضي الله عنه قال: رأى رجل أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أرى رؤياكم في العشر الأواخر؛ فاطلبوها في الوتر منها".
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ليلة القدر في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى" (رواه البخاري).
وهذا يثبت أن ليلة القدر تأتي في الليالي الوتر، وهي ليالي 21 و23 و25 و27 و29 من رمضان.
وتبدأ الليالي الوترية في العشر الأواخر من رمضان الأربعاء من بعد المغرب وحتى الفجر. والليالي الوترية على النحو التالي:
الأربعاء 20 رمصان
الجمعة 22 رمضان
الأحد 24 رمضان
الثلاثاء 26 رمضان
الخميس 28 رمضان
وعن عبادة بن الصامت قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا ليلة القدر فتلاحى ( أي تخاصم وتنازع ) رجلان من المسلمين، فقال: "خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرُفعت، وعسى أن يكون خيرًا لكم، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة" (رواه البخاري).
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه".
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في هذه الأيام ما لا يجتهد في غيرها. عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله. (رواه البخاري).
ويستحب الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان عليه وسلم يعتكف هذه العشر، وقال: "من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر".
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى، ثم اعتكف أزواجه من بعده.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر، ثم دخل معتكفه كما جاء في الصحيحين من حديث عائشة.
ويستحب الإكثار من قول: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، أرأيتَ إن علمتُ أي ليلةٍ ليلةُ القدر ما أقول فيها؟ قال: "قولي: اللهم إنك عفو كريم، تحب العفو، فاعف عني".