ليلة القَدْر ليلةٌ خير من إلف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمرسلام هي حتي مطلع الفجر " هذه الليلة من الليالي العشرة الأخيرة من شهر رمضان المبارك، وهي غير مُحدَّدةٍ بليلةٍمُعيَّنةٍ؛ كما ثبت في صحيح البخاريّ عن أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال:"فَالْتَمِسُوهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ، والتَمِسُوهَا في كُلِّ وِتْرٍ"،
الله سبحانة وتعالي اختص هذه اليلة بفضل عظيم فخصص لهاسورة بأسمها في تأكيد علي ما هذه الليلة من ثواب عظيم ومقام رفيع وكيف والعبادةقيها خير من الف شهر أي 83عاما تقريبا فهل هناك ليلة العبادة فيها أكثر من هذه السنوات الطوال.
الرسول صلي الله عليه وسلم كا يتحرّى ليلة القَدْر في العشر الأواخر من شهررمضان، ويجتهد فيها بالعبادات والطاعات ما لا يجتهد في غيرها، فقد ورد عنه أنّه قال: "مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ"، وبهذا يجدر بالمسلم بَذْل الوُسع في المسارعة لأداء الأعمال الصالحة والعبادات في ليلة القَدْر؛ لِما لها من عظيم الأثر الحَسَن في الدُّنياوالآخرة.
النبي الخاتم عليه أفضل الصلاة والسلام دعا المسلمين لالتماسها في الوترفي العشر الأواخر من رمضان غير أنه وردت عديد من العلامات فيما يتعلق بهذه الليلة في كثير من الأيات القرآنية والأحاديث النبويةعلي رأسها - نزول الملائكة أفواجًا في ليلة القدر ، وتكون أكثر من الحصى على الأرض، فقد قال الله تعالى: «تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ»، ورُوِي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: «وإن الملائكةَ تلك الليلةَ أَكْثَرُ في الأرضِ من عَدَدِ الحَصَى".
وطبقا للحديث الذي رواه سيدنا جابر بن عبدالله الانصاري فهي ليلة لاحارة ولا باردة مشرقة حيث قال رسول الله عنها "أني كنت أريت ليلةالقدر ثم نسيتها وهي في العشر الأواخر وهي ليلة طلقة وطلقة تعني هنا سماؤها صافيةوساطع نورها فيها طمأنينة القلب وانشراح صدر المسلم وفيها يمن الله علي المسلم فيها بدعاء لم يقله من قبل.
علامات ليلة القدر الصحيحة ورد فيها الكثير حيث طلوع الشمس دون شعاع في صباح اليوم التالي لها؛ فقد ورد عن أبيّ بن كعب -رضي الله عنه-:«وآيةُ ذلك أنْ تَطلُعَ الشَّمسُ في صَبيحَتِها مِثلَ الطَّسْتِ، لا شُعاعَ لها،حتى تَرتفِعَ»، ثبت في علامات ليلة القدر النقاء والصفاء في ليلتها؛ فقد رُوي في أثرٍ غريبٍ عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-: «أمارَةَ ليلةِ القدْرِ أنهاصافيةٌ بَلِجَةٌ كأن فيها قمرًا ساطعًا ساكنةٌ ساجيةٌ لا بردَ فيها ولا حرَّ ولايحِلُّ لكوكبٍ يُرمى به فيها حتى تُصبِحَ، وإن أمارتَها أنَّ الشمسَ صبيحتَهاتخرُجُ مستويةً ليس لها شُعاعٌ مثلَ القمرِ ليلةَ البدرِ ولا يحِلُّ للشيطانِ أن يخرُجَ معَها يومَئذٍ».
من علامات ليلة القدر كذلك أن يحدث للإنسان سكون في النفس، وفيها يشعر المؤمن بإقبال على الله عز وجل في هذه الليلة، و لا ينزل في ليلة القدر النيازك والشهب، ولا تسمع فيها أصوات الحيوانات
وفي أحد ليالي الوتر من شهر رمضان كاد الرسول صلي الله عليه وسلم أن يبلغ المسلمين بموعد ليلة القدر الا ان تشاحنا حدث في مسجده صلي الله عليه وسلم بين شخصين كما روي عن سيدنا عبادة بن الصامت فانسي الله الرسول موعد تلك الليلة لعلة ربانية وحكمة ألهية
ولعل الهدف من عدم إبلاغ الرسول المسلمين بهذه الليلةوإبقائها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان سعي النبي صلي الله عليه وسلم لتحفيزالعباد على الاستمرار والمداومة على العبادة، والمثابرة عليها، والمبالغة فيهاطوال العشر الأخيرة من رمضان، ولئلّا يقتصروا على العبادات والطاعات في ليلةٍواحدةٍ؛ ولذلك كان جديراً بالمسلم تحرّي الليالي العشر الأخيرة من الشهر المبارك كاملةً، وقيامها، والمواظبة فيها على ذِكْر الله، والدعاء، والصلاة، وقراءةالقرآن،
ولما لهذه الليلة من فضل فإن الله اختصها بحزمة من الأعمال الصالحة يجب علي العبد اغتنامها بالإكثار من الدعاء، والأذكار، والتسبيح، ومناجاة الله اني عتقه من النار والتعوُّذ منها؛ فالدعاءفيها مُستجابٌ، والاجتهاد فيه مرغوبٌ، ولذلك يتسابق العباد، ويحرصون على التوبة،والفوز برضا الله -عزّ وجلّ-، وتوفيقه، ونَيْل المنزلة الرفيعة،
الإمام سفيان الثوريّ رحمه ذكر في فضل هذه الليلة وعلو قدرها أن الدعاء لديه أحب إليه من الصلاة ونقل في الأثر أن وأفضل ما يدعو به المسلم في ليلةالقَدْر العفو والمغفرة من الله -سبحانه-، إذ رُوي عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: "قلتُ يا رسولَ اللهِ أرأيتَ إن علِمتُ ليلةَ القدرِما أقولُ فيها؟ قال: قُولي اللَّهمَّ إنَّك عفُوٌّ تُحبُّ العفوَ فاعْفُ عنِّي"