اشتهرت العابدة رقية الموصلية بجميل الوصل والقربى في العبادة، وكانت من مشهوري العابدات في ذلك.
وقد سمع بعض من عاشوا معها في الموصل وهي تناجي ربها وهي تقول: إلهي وسيدي ومولاي لو أنك عذبتني بعذابك كله لكان ما فاتني من قربك أعظم عندي من العذاب، ولو نعمتني بنعيم أهل الجنة كلهم كانت لذة حبك في قلبي أكثر.
وكانت تقول: إني لأحب ربي حبا شديدا فلو أمر بي إلى النار ما وجدت للنار حرارة مع حبه، ولو أمر بي إلى الجنة لما وجدت للجنة لذة مع حبه، لأن حبه هو الغالب عليّ.
ومن مناجاها: حرام على قلب فيه رهبانية المخلوقين أن يذوق حلاوة الإيمان، شغلوا قلوبهم بالدنيا عن الله عز وجل ولو تركوها لجالت في الملكوت ورجعت إليهم بطرف الفوائد.
وكانت تقول : تفقهوا في مذاهب الإخلاص ولا تفقهوا فيما يؤديكم إلى الركوب على القلاص- الإبل النجيبة- .
ومن عابدات الموصل أيضا أمية بنت أبي المورع، وكانت من الخائفين، وكانت إذا ذكرت النار قالت: أدخلوا النار، وأكلوا من النار، وشربوا من النار، وعاشوا، ثم تبكي، وكان بكاؤها أطول من ذلك، وكانت كأنها جبة على مقلي، وكانت إذا ذكرت النار بكت وأبكت دما وما رأيت أحدا أشد خوفا ولا أكثر بكاء منها.
اقرأ أيضا:
أول من بايع من الأنصار.. وصلى إلى الكعبة قبل تحويل القبلةوحكى العابد فتحي الموصلي قال: مرّت بي امرأة متعبدة يقال لها: موافقة، فعثرت فسقط ظفر إبهامها، فضحكت، فقيل لها يا موافقة يسقط إبهامك وتضحكين؟ فقالت: إن حلاوة ثوابه أزالت عن قلبي مرارة وجعه.
ومرّت بفتح الموصلي امرأة يقال لها: موفقة، فعثرت فسقط ظفر إبهامها فضحكت، فقيل لها يا موفقة سقط ظفر إبهامك وتضحكين؟ فقالت: والله إن حلاوة ثوابه أزالت عن قلبي مرارة وجعه.
وحكى العابد أحمد بن أبي الحواري قال: حدثتني امرأتي رابعة قالت: دخلت على أخت لي عاتق بالموصل، فقالت لي: هل تدرين ما معنى قوله: "إلا من أتى الله بقلب سليم" ؟ قالت: قلت لا، قالت: القلب السليم الذي يلقى الله عز وجل وليس فيه شيء غير الله عز وجل.
قال أحمد بن أبي الحواري: حدثت بهذا أبا سليمان فقال: ليس هذا كلام الراهبة هذا كلام الأنبياء.