لا أملك شيئًا من حطام
الدنيا.. باتت هذه العبارة تتردد على ألسنة كثيرين، تلوكها الألسنة دون أن تفكر جيدًا فيما آلت آلت إليه في الحقيقة.. وينسى هؤلاء أو يتناسون أن السعادة ليست فيما يفكرون وإنما السعادة الحقيقية هي في الرضا بما قسمه الله، وأن تكون آمنا في سربك وحياتك.
روى الإمام الترمذي في سننه من حديث عبيدالله بن محصن الخطمي، أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا وما فيها».. انظر لم يقل عليه الصلاة والسلام، من أصبح يملك كذا أو كذا، لأن الأمن لا يمكن أن يساويه شيئًا في الدنيا كلها مهما كان.
انظر حولك وتدبر
عزيزي المسلم، انظر حولك، تدبر، ستجد أنك تعيش حياة رغدة.. ربما تقول: لا أملك إلا قوت يومي، وربما أقل.. لكن ألم يكفيك الأمن.. ألم تتابع الرعب الذي أصاب العام لفترات ليست بالقصيرة، بسبب تفشي فيروس واحد بين الناس.. ألم تستشعر الفرق خلال هذه الفترة بين ما كنت عليه، وما أصبحت فيه، بين أن تتحرك بمنتهى الحرية، وألا تستطيع حتى الخروج من المنزل!
فقط كل ما عليك فعله، هو اليقين في أن الله عز وجل يملك الأمن، وقادر على أن يمنحك إياه، أو وليعاذ بالله أن ينتشله منك، فإن غاب الأمن، كان الموت أفضل الاختيارات.. فمن سار في طريق الله عز وجل وصل لاشك، لأنه وعد إلهي بالأساس.
قال تعالى: «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ » (النور: 55).
اقرأ أيضا:
بركة الطعام لاتحرم نفسك منها.. ماذا تفعل لو نسيت "التسمية" عند الإفطار؟شروط الأمن
لقد وضع الله عز وجل شروطًا على المؤمن أن يحققها حتى يصل إلى مرتبة الأمن، وهي ليست بالصعوبة بمكان، وإنما فقط تعتمد على مدى إيمانك به سبحانه.
قال تعالى: «أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ » (يونس: 62 - 64).
فقط تتقي الله، تحصل على البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة.. ففي العبادة لله عز وجل الأمن والأمان كله، قال تعالى: «فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ » (قريش: 3، 4).