اختار النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون نبيا عبدا وليس نبيا ملكا، فكان يأكل كما يأكل العبد،ويشرب كما يشرب العبد.
عن مسروق قال: دخلت على عائشة، وهي تبكي، فقلت: يا أم المؤمنين ما يبكيك؟ قالت: ما ملأت بطني من طعام فشئت أن أبكي إلا بكيت، أذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان فيه من الجهد.
أربعة أشهر ما يشبع من خبز القمح
وروى أيضا: دخلت على عائشة وهي تبكي، فقلت: يا أم المؤمنين ما يبكيك؟
قالت: ما أشبع فأشاء أن أبكي إلا بكيت، وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تأتي عليه أربعة أشهر ما يشبع من خبز القمح.
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: كان يمر بآل محمد صلى الله عليه وسلم الهلال، ثم الهلال، لا يوقد في شيء من بيوته نار، لا لخبز، ولا لطبخ، قالوا: بأي شيء كانوا يعيشون يا أبا هريرة؟ قال: بالأسودين التمر والماء، قال: فكان لهم جيران من الأنصار- جزاهم الله خيرا- لهم منائح يرسلون بشيء من اللبن.
ودعي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعام فأكل فلما فرغ حمد الله تعالى ثم قال: «ما أكلت طعاما سخينا، أو ما ملأت بطني من طعام سخين منذ كذا وكذا» .
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهاطعام آل بيت النبي
وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام متوالية من خبز بُرّ منذ هاجر إلى المدينة، حتى مضى لسبيله، لو شئت أن أحدثكم- وأعدها عليكم- بكل شبعة شبعوها من خبز البر منذ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحدثتكم.
فقال بعض القوم: أي أكل يا أم المؤمنين؟ قالت: يوم أجلى الله تعالى بني النضير فتركوا البيوت ممتلئة من التمر والسلاح، خرجوا على أقدامهم، قالت: فشبع جميع المسلمين يومئذ من التمر عبدهم وحرهم ذكرهم وأنثاهم، صغيرهم وكبيرهم.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل بشعا ويلبس خشنا، والبشع: غليظ الشعير، وما كان يسفه إلا بجرعة من ماء.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا مع رجل من أصحابه، فغمز رسول الله صلى الله عليه وسلم بطنه.
فقال له الرجل: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أتشتكي بطنك؟ فقال: «لا، إنما هو جعار الجوع» ، فقام الرجل ليدخل حيطان الأنصار، فرأى رجلا من الأنصار يسقي سقاية فقال له: هل لك أن أسقي لك بكل سقاية تمرة جيدة؟ قال نعم، قال: فوضع الرجل كساءه، ثم أخذ يسقي وهو رجل قوي، فسقي مليا، ثم فتح حجره، وقال: عد لي تمري، قال: فعد له نحوا من المد فجاء به، حتى نثره بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم منه قبضة، ثم قال: اذهبوا بهذا إلى فلانة، واذهبوا بهذا إلى فلانة.
فقال الرجل: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أراك تأخذ منه، ولا ينقص، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألست تقرأ هذه الآية؟» قال فقلت أي آية يا رسول الله؟ قال: قول الله تعالى: "وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين"،قال: أشهد إنما هو من الله تعالى.
تقول عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: ما اجتمع في بطن رسول الله صلى الله عليه وسلم طعامان قط، إن أكل لحما لم يزد عليه، وإن أكل تمرا لم يزد عليه، وإن أكل خبزا لم يزد عليه.
وعن كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته متغيرا، فقلت: بأبي أنت وأمي، ما لي أراك متغيرا؟
قال: «ما حصل جوفي ما يدخل جوف ذات كبد منذ ثلاث» قال: فذهبت فإذا يهودي يسقي إبلا له، فسقيت له كل دلو بتمرة، فجمعت تمرا، فأتيت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «من أين لك هذا يا كعب؟ فأخبرته.