ورد في بعض الروايات أنَّ الصحابة حينما صعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، وضعوا في قبره الشريف قطيفةٌ حمراء، وهي خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم لم تسن لعامة المسلمين.
وحول هذا يقول الدكتور شوقي إبراهيم علام مفتي الجمهورية خلال بحث له،إنه قد صح أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم جُعل في قبره الشريف قطيفةٌ حمراء؛ وذلك في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "جُعِلَ في قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم قطيفةٌ حمراء" أخرجه الإمام مسلم في "الصحيح"، والترمذي والنسائي في "سننهما" وقال الترمذي: [حديث حسنٌ صحيحٌ]، وأخرجه كذلك ابن أبي شيبة في "المصنف"، وأبو داود الطيالسي والإمام أحمد والبزَّار في "مسانيدهم"، وابن حبَّان في "صحيحه"، والطبراني في معجميه "الأوسط" و"الكبير"، وأبو نُعيم في "حلية الأولياء"، والبيهقي في "السنن الكبرى".
وأضاف المفتي بأنه ورد ذلك أيضا في رواية ابن ماجه في "السنن": "وَكَانَ شُقْرَانُ مَوْلَاهُ أَخَذَ قَطِيفَةً كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَلْبَسُهَا، فَدَفَنَهَا فِي الْقَبْرِ، وَقَالَ: وَاللهِ لَا يَلْبَسُهَا أَحَدٌ بَعْدَكَ أَبَدًا، فَدُفِنَتْ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وآله وسلَّمَ".
اختلاف الفقهاء
وأشار إلى اختلاف الفقهاء في حكم وضع الحصير أو الفراش أو نحوهما تحت جسد الميت أو رأسه على قولين:
فمنهم من كره ذلك ورآه خاصًّا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ كالحنفية والمالكية وبعض العراقيين من الشافعية؛ كالقاضي أبي الطيب، والبندنيجي، وغيرهما، محتجِّين بعدم وروده عن السلف، وأجاز بعض فقهاء الشافعية وضع الفِراشَ تحت جنبي الميت في القبر؛ كالإمام البغوي، والقاضي البيضاوي؛ لأن الأصل عدم الخصوصية حتى يدل الدليل عليها؛ قال العلَّامة الطحطاوي الحنفي في "حاشيته على مراقي الفلاح" (ص: 608، ط. دار الكتب العلمية): [ويُكره أن يُوضَع تحت الميت في القبر مضرَّبة، أو مخدَّة، أو حصيرة، أو نحو ذلك] .
وكَرِهَ فقهاء الحنابلة وضع المخدة أو الحصير أو القماش المُضرَّب –كثير الخياطة- إذا كانت لغير عِلَّةٍ أو حاجةٍ، أمَّا لو كانت لعلَّة أو حاجة فنصَّ الإمام أحمد بن حنبل على أنَّه لا بأس به؛ قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المُغني" (2/ 372، ط. مكتبة القاهرة): [قال أحمد رحمه الله: ما أحب أن يجعل في القبر مُضَرَّبة ولا مخدَّة، وقد جُعِلَ في قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم قطيفة حمراء، فإن جعلوا قطيفة: فلِعِلَّةٍ] اهـ.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهاالفرش في القبور
وأوضح المفتي أنه قد ورد عن السلف ما يدل على أن بعض الموتى كانت توضع لهم الفرش في القبور أيضًا؛ مما يرد دعوى الخصوصية؛ فروى أبو داود في "السنن" عن بعضِ آلِ أُمِّ سَلَمة رضي الله عنها قال: كان فِراشُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحوًا مِمَّا يُوضَعُ الإنسانُ في قَبره، وكان المسجدُ عندَ رأسِه".
وأكد المفتي في نهاية البحث الذي قدمه بأن قد صح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه جُعِل في قبره قطيفةٌ حمراء؛ فمن العلماء من كره ذلك ورآه خاصًّا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومنهم من رأى ذلك جائزًا؛ لأن الخصوصية لا تثبت إلا بدليل، موضحا أن الأمر في ذلك يسير وفيه سعة؛ فلا يجوز الإنكار في أمور الخلاف، والصواب ترك الناس على ما اعتادوا؛ لأن في خلاف التنوع رحمة.