عندما تسمع عبارة "وسع الناس بأخلاقه"، في وصف النبي صلى الله عليه وسلم وذكرى شمائله، تكمن عظمة النبي صلى الله عليه وسلم عمليا وليس قوليا، في كيفية أن يتحمل كل هذه الطباع والمشارب المتباينة وتخضع له وتهابه، وتعترف له بالعظمة والبساطة والتواضع في وقت واحد، وهذا هو مكمن العظمة.
مهابته في عيون أصحابه:
يقول أحد الصحابة: انطلقت مع أبي نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأيته، قال: هل تدري من هذا؟ قلت: لا قال: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، واقشعررت حين قال ذلك، وكنت أظن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لا يشبه الناس فإذا هو بشر.
وعن علي رضي الله تعالى عنه قال: من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه.
ويقول الصحابي عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه: ما كان أحد أحبّ إليّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أجلّ في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت لأني لم أكن أملأ عيني منه.
ويقول أسامة بن شريك: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يتكلم منا متكلم، كأن على رؤوسنا الطير.
وروى البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة من الأنصار فانتهينا إلى القبر، ولما يلحد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجلسنا حوله، كأنما على رؤوسنا الطير.
ويقول آخر: كنا إذا قعدنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ترتفع رؤوسنا إليه إعظاما له.
وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد لم يرفع أحد منا إليه رأسه غير أبي بكر، وعمر رضي الله تعالى عنهما، فإنهما كانا يبتسمان إليه، ويبتسم إليهما.
اقرأ أيضا:
موعظة بليغة من سيد التابعين "أويس القَرَني".. ماذا قال في المنام؟كيف كان يتحدث إليه الصحابة؟
وعن سلمان رضي الله تعالى عنه أنه كان في عصابة يذكرون الله تعالى، فمرّ بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام بعضهم، فجاء نحوهم قاصدا، حتى دنا منهم، فكفوا عن الحديث إعظاما لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروى قيس بن أبي حازم، أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام بين يديه، فأخذه من الرعدة شيء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هون عليك، فإني لست ملكا، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد".
ويقول أبو مسعود: إني كنت أضرب غلاما لي، إذ سمعت صوتا من خلفي: اعلم أبا مسعود الله أقدر عليك منك عليه قال: فجعلت لا ألتفت إليه من الغضب، حتى غشيني، فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأيته وقع السوط من بين يدي من هيبته.
وعن علي رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل، ولا بالقصير، من رآه هابه: أي أكبره وعظمه.
وحكى عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة.
وروى البيهقي عن أم معبد رضي الله تعالى عنها عنه صلى الله عليه وسلم: إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سماه وعلاه البهاء، له رفقاء يحفون به، إن قال أنصتوا لقوله، وإن أمر ابتدروا إلى أمره، محفود محشود لا عابس ولا معتد.