السيدة عائشة رضوان الله عليها هي الصديقة بنت الصديق رضوان الله عليهما هِيَ أمُّ المؤمنينَ أمُّ عبدِ الله، زوجة سيدنا رسول الله ﷺ وأفْقَه نِساءِ أُمَّته على الإطلاق، عائشةُ بنتُ الإمام الصِّدِّيق الأكْبر، خليفةِ رسولِ الله ﷺ، أبِي بَكْرٍ عبدِ الله بنِ أبي قُحَافةَ عثمانَ بنِ عامرِ بن عمرو بن كعْب بن سعْد بن تَيْم بن مُرَّة، بن كعْب بن لُؤيّ، القرشيَّة التيميَّة، المكيَّة، النبويَّة وأمُّها هي: أُمُّ رُومانَ بنتُ عامرِ بن عُوَيمر، بن عبدِ شمْس، بن عتاب بن أُذينة الكِنانية.يلتقي نسبها مع سيدنا رسول الله ﷺ في جده السادس مُرَّة بن كعب.
كان من أبرز المحطات في حياة أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبو بكر تمثلت في اختيار الله لها زوجة لرسوله صلي الله عليه وسلم فقبْل زواج سيدنا رسول الله ﷺ بالسيدة عائشة رضي الله عنها رآها في منامه ثلاث مرات، ورؤيا الأنبياء وحي من الله سُبحانه؛ فعن عائشةَ قالتْ: قال رسولُ الله ﷺ: «أُريتكِ في المنام ثلاثَ ليالٍ، جاءَني بكِ المَلَك في سَرَقةٍ (قطعة) مِن حريرٍ، فيقول: هذه امرأتُك، فأَكْشِف عن وجْهِكِ، فإذا أنتِ هي، فأقول: إنْ يَكُ هذا مِن عند الله يُمضِه» [متفق عليه]، وقوله ﷺ: إنْ يَكُ هذا مِن عندَ الله يُمضِه، هو خبر على التحقيق أن الله سيمضيه.
وبعد هذه الرويا المباركة تزوَّجها رسول الله ﷺ بعدَ وفاة الصِّدِّيقة خديجة بنت خُوَيلد، وقبلَ الهِجرة ببضعة عشَرَ شهرًا، وقيل: بعامين، وكانت زيجتها ثالث زيجاته ﷺ بعد السيدة خديجة، والسيدة سودة بنت زمعة رضي الله تعالى عنهنَّ ودخل بها ﷺ بعد غزوة بدر الكبرى في شوال من السنة الثانية للهجرة
كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها زوجة صالحة بما تحمله الكلمة من المعاني النبيلة فالمتأمل سيرة سيدنا رسول الله ﷺ يرى بوضوح كريم خلقها ورفيع ذوقها في تعاملها مع سيدنا رسول الله ﷺ؛ ويدل على ذلك قول سيدنا رسول الله ﷺ لها: «إنِّي لَأَعْلَمُ إذا كُنْتِ عَنِّي راضِيَةً، وإذا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى فقالَتْ رضي الله عنها: مِن أيْنَ تَعْرِفُ ذلكَ؟ فقالَ: «أمَّا إذا كُنْتِ عَنِّي راضِيَةً، فإنَّكِ تَقُولِينَ: لا ورَبِّ مُحَمَّدٍ، وإذا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قُلْتِ: لا ورَبِّ إبْراهِيمَ فقالَتْ: «أجَلْ واللَّهِ يا رَسولَ اللَّهِ، ما أهْجُرُ إلَّا اسْمَكَ» [أخرجه البخاري »
ومن معالم الصبر في شخصية أم المؤمنين عائشة خصوصا مع النبي بدت جلية حين اختارته على الحياة الدنيا وزينتها؛ فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، قالت: لَمَّا أُمِرَ رَسولُ اللهِ ﷺ بتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ، بَدَأَ بي، فَقالَ: «إنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، فلا عَلَيْكِ أَنْ لا تَعْجَلِي حتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ»، قالَتْ: قدْ عَلِمَ أنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكونَا لِيَأْمُرَانِي بفِرَاقِهِ، قالَتْ: ثُمَّ قالَ: «إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قالَ: {يَا أَيُّهَا النبيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا وإنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسوله وَالدَّارَ الآخِرَةَ فإنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب:28]، قالَتْ: فَقُلتُ: في أَيِّ هذا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ؟ فإنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسوله وَالدَّارَ الآخِرَةَ، قالَتْ: ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ رَسولِ اللهِ ﷺ مِثْلَ ما فَعَلْتُ. [متفق عليه]
شخصية أم المؤمنين عائشة رضوان الله عليها كانت فريدة وهو ما بدا واضحا في مساندتها له في سِلمه وحربه؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: «لَمَّا كانَ يَومَ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النبيِّ ﷺ ... ولقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بنْتَ أبِي بَكْرٍ وأُمَّ سُلَيْمٍ، وإنَّهُما لَمُشَمِّرَتَانِ، أرَى خَدَمَ سُوقِهِما تُنْقِزَانِ القِرَبَ علَى مُتُونِهِما تُفْرِغَانِهِ في أفْوَاهِ القَوْمِ، ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلَآَنِهَا، ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهِ في أفْوَاهِ القَوْمِ، ولقَدْ وقَعَ السَّيْفُ مِن يَدَيْ أبِي طَلْحَةَ إمَّا مَرَّتَيْنِ وإمَّا ثَلَاثًا». [متفق عليه حتى إنها رضي الله عنها استأذنت رسول الله ﷺ في الجهاد فقال: «جِهادُكنَّ الحَجُّ». [أخرجه البخاري وأحمد واللفظ له]
الغيرة علي النبي كانت من معالم شخصية السيدة عائشة رضوان الله عليها حيث روت مواقف من هذه الغيرة فقد قالت رضي الله عنها: دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ اليَهُودِ علَى رَسولِ اللَّهِ ﷺ فَقالوا: السَّامُ (الموت) علَيْكُم، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَفَهِمْتُهَا فَقُلتُ: وعَلَيْكُمُ السَّامُ واللَّعْنَةُ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ: «مَهْلًا يا عَائِشَةُ، إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ في الأمْرِ كُلِّهِ» فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أوَلَمْ تَسْمَعْ ما قالوا؟ قَالَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ: «قدْ قُلتُ: وعلَيْكُم». [متفق عليه].
حب النبي للسيدة عائشة كان جليا وواضحا حيث أعلن النبي ﷺ مرارا وتكرارا حبه للسيدة عائشة رضي الله عنها في مجمع من الناس حينما سئل: مَنْ أحبُّ الناسِ إليكَ؟ قال: «عائشةُ»؛ قيل: مِنَ الرجالِ؟ قال: «أبوها». [أخرجه الترمذي]
كانت السيدة عائشة رضي الله عنها مرجعًا علميًّا لكبار الصحابة وفقهائهم في السُّنَّة والأحكام والاستدلال، والفرائض والحرام والحلال، وكانوا إذا أُشكِل عليهم شيء في الدين استفتوها فأفتتهم.
وقد روت رضي الله عنها عن سيدنا رسول الله ﷺ كثيرًا من الأحاديث تجاوزت ألفي حديث، وروى عنها جَمْع من الصحابة منهم عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وأبو هريرة، وأبو موسى الأشعري، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وغيرهم.
وروى عنها من التابعين عروة بن الزبير، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وعلقمة بن قيس، وعكرمة ومجاهد، والشعبي، ومسروق، وسعيد بن المسيب، وطاووس، وعلي بن الحسين، وابن أبي مليكة وغيرهم.
ومن النّساء عمرة بنت عبد الرحمن، ومعاذة العدوية، وعائشة بنت طلحة، وجسرة بنت دجاجة العامريّة، وحفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، وخيرة أم الحسن البصري، وصفية بنت شيبة، وغيرهن.
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: لَمَّا رأَيْتُ مِن النَّبيِّ ﷺ طِيبَ نفسٍ قُلْتُ يا رسولَ اللهِ ادعُ اللهَ لي فقال: «اللَّهمَّ اغفِرْ لِعائشةَ ما تقدَّم مِن ذنبِها وما تأخَّر ما أسرَّتْ وما أعلَنَتْ» فضحِكَتْ عائشةُ حتَّى سقَط رأسُها في حِجْرِها مِن الضَّحِكِ قال لها رسولُ اللهِ ﷺ: «أيسُرُّكِ دعائي؟» فقالت: وما لي لا يسُرُّني دعاؤُكَ؟ فقال ﷺ: «واللهِ إنَّها لَدعائي لِأُمَّتي في كلِّ صلاةٍ». [أخرجه ابن حبان]
وعنها رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ: «يا عائِشَ هذا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلامَ قُلتُ: وعليه السَّلامُ ورَحْمَةُ اللَّهِ، قالَتْ: وهو يَرَى ما لا نَرَى -تعني النبي ﷺ-». [متفق عليه]