الفقر ليس عيبا كما أن الغنى ليس مزية لكن الأهم أن تعيش سليم الصدر وتحقق راحة البال التي أفضل كنز يطلبه الكثيرون.
راحة البال تعني في أبسط معانيها صفاء الذهن من التفكير بشئون الحياة وأحوالها، والبعد عن أسباب المشاكل، وهي أيضًا الشعور بالسكينة والطمأنينة على الدوام.. وهذه وحدها نعمة تجعلك مستقر النفس صافي التفكير مطمئنا مرتاحا تعيش الحياة بطولها وعرضها وانت لا تدخر حقدا لأحد ولا تضمر شرا لإنسان، فراحة البال هي إذًا نعمة من النعم التي يعطينا إياها الله تعالى وتتمثل بالتصالح الداخلي مع النفس.
كثيرون معهم أموال كثيرة لكن يفتقدون راحة البال؛ إذ ينصرف همهم لكيفية استثمار ما لديهم من أموال وكيف يحافظون على أموالهم وممتلكاتهم فيتعاملون مع الآخرين بحيطة وحذر مخافة أن يقعوا فريسة نصب واحتيال حتى نومهم ليس راحة فأحلامهم تراودهم بالخسارة وهو ما يقلقهم ليل نهار.
راحة البال نعمة من نعم الله تعالى على الإنسان وأكثر ما يتمتع بها
الفقراء المحرومون من أشياء كثيرة؛ فالله لم يجمع عليهم كل شيء، وهذه النعمة يحسدهم عليها الأغنياء.
راحة البال في القرآن والسنة:
ذكرت راحة البال في القرآن والسنة ففي القرآن: يقول - تعالى ذكره - : (ويصلح بالهم) ويصلح أمرهم وحالهم في الدنيا والآخرة (ويدخلهم الجنة عرفها لهم) يقول: ويدخلهم الله جنته عرفها، يقول: عرفها وبينها لهم، حتى إن الرجل ليأتي منزله منها إذا دخلها كما كان يأتي منزله في الدنيا، لا يشكل عليه ذلك .
وفي السنة وردت في دعاء تشميت العاطس؛ فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَإِذَا قَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُم).
كيف تكون مرتاح البال:
-حاول أن تنوع نشاطك اليومي واخرج من الروتين على فترات؛ فهذا يهذب النفس ويريح البال.. حاول أن تذهب لمكان مختلف مع من تحب.. تأكل طعامًا مغايرًا.. تلبس ملابس مغايرة.. تفعل أشياء جديدة مفيدة تخدم بها نفسك ووطنك.. ممارسة الرياضة، والحرص على القراءة هي أيضًا من أسباب تهذيب النفس وتحصيل راحة البال.
-حاول أن تبتعد قليلا عن الأشخاص مصدر القلق؛ فغياب هؤلاء من حياتك نسبيًا يوفر عليك جهدًا كبيرًا تبذله في التفكير فيما يقولون والرد عليهم، ومن ثم تتسع أمامك دائرة المنغصات والهموم وتقل الراحة والتي منها راحة البال.
-رشد استهلاكك الشخصي بحيث توفر ما تحتاجه؛ لأن زيادة طموحك المادي مع عدم القدرة على تحصيله يوقعك في الضيق والحرج وتظل مهمومًا أسير لقمة العيش وتحصيل المراد.
-إياك أن تشغل بالك وتبالغ في التفكير بالمستقبل.. فقط انتبه إلى ما يمكنك فعله، واعلم أن الأمور تسير بمقادير فلا تفترض المشكلات قبل وقوعها وتجهد نفسك في وضع حلول لها.. فهذا ينغص عليك حاضرك ويضر بمستقبلك.
-لابد أن تنمي بداخلك قدرة ذاتية تدفع بها المشكلات ولا تضخمها، وهذا سبب أصيل في راحة بالك.. فأيًا ما كان الأمر، فإنه بسيط وسيحل.. لكن معالجة الأمور برفق وعدم الانفعال، هو أرشد الطرق لراحة نفسك.. ومن ثم اتخاذ قرارات صائبة غير انفعالية، وهذا الأمر يسميه البعض أحيانًا بالقدرة على تجاهل المشكلات، أو التعامل معها ببساطةٍ، إلا إنه في النهاية يعني التعاطي مع الصعاب بمرونة.. وهذا لا يعني بالطبع تغافلها أو تجاهلها.