عن المغيرة بنشعبة رضي الله عنه قال: "سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: قيلَ وقالَ، وإضَاعَةَ المَالِ، وكَثْرَةَ السُّؤَالِ.

يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ اللهَ سبحانه وتعالى كرِه لعباده الوقوعَ في ثلاثة أشياءَ: أوَّلها: قيل وقال، أي: الإكثارُ مِن الكلامِ، خاصة إذا كان الكلام الذي تتفوه به عن أشياء تخطط لها في المستقبل، أو أشياء تمتلكها ربما تضع منك هدفا للحقد والحسد .

وفي ذلك يقول الإمام بن الجوزي في أهمية الالتزام بنصائح النبي في استعانة الفرد على قضاء حوائجه بالكتمان، يقول: "( إكتم عن الناس ذهبك وذهابك ومذهبك).

فأما ذهبك : فهو مالك وحالك وكل نعمة تنعم بها ، فلو معك مال قد تكون عرضة للحسد أو الطمع، ولو لم يكن معك قد يعاملك أحدهم بشفقه ويستهين بك ، فكل ذى نعمة محسود .

وأما .ذهابك : فتعنى أى أمر تنوى عمله، وظيفة جديدة .. خطوبة .. مشروع تقدم عليك لتحسين دخلك .

وأما .مذهبك : فتعنى لا تنصح أحدا إلا لو طلب النصيحة، ولا تتكلم عن نفسك كثيراً ماذا تحب وماذا تكره.

يقول سيدنا عمر بن الخطاب : ندمت علي الكلام مرات، وما ندمت علي الصمت مرة ..!.

لذلك امسك لسانك ستجد خططك تتحقق بفضل الله ، واقتد بنصيحة سيدنا يعقوب حينما قال لابنه يوسف : لا تقصص رؤياك علي إخوتك فيكيدوا لك كيداً ..!

لقد خشى أيوب عليه السلام على ابنه أن يحسده إخوته، رغم إن النعمة كانت مجرد حلم لم يتحقق بعد.

اقرأ أيضا:

"فليقل خيرًا أو ليصمت".. كيف تمسك لسانك لتنجو من أخلاق الأفاعي؟

يقول بعض الناس "عشتُ سنوات ضائعة بين هذه المقولة، والأية القرآنية " وأما بنعمة ربك فحدث "، حتى وصلت إلى أن النعمة المقصودة هنا هي الشيء الذي يملكه الشخص وتم بالفعل، وليس الشيء الذي يسعى أو يُخطط له الشخص؛ فمن هُنا أصبحت أكتُم الأشياء التي لم تكتمل بعد، ولا أتحدث عن الشيء إلا بعد حدوثه والتأكد من إتمامه، فلا يمكننا إنكار أن الحسد مذكور في القرآن الكريم، وبشكل عام لم تعد نفوس الأشخاص صافية وأصبح الحقد آفة من آفات العصر .

ويضيف: "بالنسبة لي لا أطبقها الحقيقة مع الآخرين، عندما يسألني شخص ما عن عملي أو دخلي لا أستطيع الصمت، وعندما يسالني أحد عن أفكاري أو خططي المستقبلية لا أستطيع أن أحرج الشخص أو أكذب بأن ليس لدي خطط، وقد تضررت من ذلك من قبل؛ إذ سالني أحد الأصدقاء وأخبرته عن مشروع أنوي القيام به، وما إن عدت مدة وجيزة حتى وجدته نفذ المشروع بنفس الفكرة وفي نفس المكان الذي أخبرته به".



كيف يمكن الجمع بين هذا الرأى وبين الآية “وأما بنعمة ربنا فحدث” ؟

هذه الآية معناها ألا تنكر نعمة الله عليك، واحمده علي كل حال، ولتظهر آثار نعمته عليك فى اللبس والبيت والتوسعة على أهلك دون تبذير أو تفاخر.