يسأل أحدهم: كيف يكون العوض من الله؟، خصوصًا إذا كان ينتظره بالفعل، والحقيقة لهذا السائل عليه أن يعي جيدًا أن عوض الله أعظم وأكبر مما يتخيله بشر، ولمّ لا وهو الذي قال: «يؤتِكُم خيرًا مِما أُخِذَ منكم»، فهذه الآية الكريمة حقيقة ثابتة يقينًا، على كل مسلم أن يوقن فيها تمام اليقين، فالله إذ أخذ من أحدهم لا يأخذ حرمانًا وإنما ولكنه أخذ منك ليعطيك، وليعوضك ويكرمك.
وهنا نذكر قصة أم سلمة بعد ما توفى زوجها الذي كان من أعلى درجات الصحابة لأنه شَهِد غزوة بَدر وحارب فيها فالرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، قال لها أن تردد "إنا لله وإنا إليه راجعون .. اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها" فردت عليه وقالت له "وَمَن أفضل من أبي سَلَمة؟!!" فَكانت النتيجة أن تزوجت بأفضل البشر على الإطلاق وهو النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم بعد ذلك.
حلاوة اللحظة
عزيزي المسلم، حاول أن تستوعب حلاوة اللحظة التي يعوضك الله عز وجل فيها بما ضاع أو راح منك بما هو أفضل وأعظم.. حاول أن تستوعب أجمل اللحظات وهي التي يجبر الله بذاته العليا فيها بخاطرك، فتراه وله المثل الأعلى كأنه (يطبطب عليك)، ليعوضك عن كل إحساس سيء عشته أو مريت به في يوم من الأيام، وعن كل شيء لم يكن لك فيه نصيب فيها وكل علاقة انتهت.
تخيل هذا الإنسان كم ستكون فرحته عندما يريح الله بذاته العليا قلبه، ويعوضه عن كل ما فاته أو خسره أو ضاع منه؟.. كيف سيكون شعور هذا الإنسان وهو ينول كل ما يتمناه؟، بل أفضل مما كان يتمناه، مؤد شعور لا يوصف ولا يمكن وصفه نهائيًا، ذلك أن العاطي والمانح والمعوض هو الله القادر الذي يقول للشيء فيكون، فمن المؤكد أن هذا العوض سيكون أكبر من أي تخيل أو تصور.
اقرأ أيضا:
إياك والنظر إلى ما بيد الناس.. إذا أردت أن تكون حرًا فاترك الطمعاترك الأمر لله
اترك أي شيء لله، صدقًا سيعوضك الله خير منه، فقط بأن تثق في قدرته سبحانه وتعالى، وتترك نفسك له دون أي خوف أو توتر أو قلق، وما عليك إلا بحسن الظن بالله تعالى والثقة فيه بأنه سيبدلك خيرًا مما تركت، فقد قال تعالى: «وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا» (الطلاق:2-3).
كما ثبت في مسند أحمد عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنك لن تدع شيئا ابتغاء الله إلا آتاك خيرا منه»، فالله سبحانه وتعالى إذا وعد فإنه لن يخلف وعده، ولكن الإنسان يستعجل، ثم إن الله تعالى أعلم بما هو أصلح لعبده، فقد يدخر له شيئا من أجر الدنيا إلى الآخرة لعلمه بأن ذلك أنفع له.