عزيزي المسلم، بالتأكيد يطرح أمامك أحيانًا، مصطلح "صحيفة أعمالك"، من الممكن أن تتوقف قليلا، قد يشغلك الأمر للحظات، وربما يدب بداخلك الخوف، من أن يأتي يومًا وترى هذه الصحيفة بكا ما فعلته، وهي أمور لا تليق.. لكن هل انتهى الأمر؟.. بالتأكيد لا.. هناك فرص وفرص طالما في القلب نبض..
ولكي تستطيع أن تملأ هذه الصحيفة بالستر، وبما يرفع عنك أي أذى.. استمع لما يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، وستفلح لاشك، فقد قال عليه الصلاة والسلام: «من أحب أن تسره صحيفته يوم القيامة، فليكثر فيها من الاستغفار».. فقط بضع كلمات بسيطة ترددها ترفع عنك أكبر حرج من الممكن أن يتعرض له إنسان، وهو الموقف العظيم أمام الله عز وجل يوم القيامة، فتجد صحيفتك ملأى بالاستغفار، كأنما أنقذك أحدهم في آخر لحظة قبل الوقوع في النار.
أمر إلهي
الله الذي خلقنا علمنا وأمرنا بأن نستغفره آناء الليل وأطراف النهار، فهل هو يريد منا ذلك لنفسه؟.. بالتأكيد لا.. هو بالأساس غني عن العالمين، وإنما يعلمنا لأنفسنا، ولكي ينجينا من أهوال يوم القيامة، قال تعالى يوجه حديثه إلى النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، والذي لم يكن بحاجة لمزيد من الاستغفار، لأنه خير الآنام: «وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ » (محمد: 19).
ومن ثم فقد امتثل النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم لأمر ربه فلزم الاستغفار في كل شؤونه وأحواله، ودعا أمته لما دعاه إليه ربه فقال: «يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه».. وربما سار صلى الله عليه وسلم على هدي من سبقه من الأنبياء، في لزوم الاستغفار، فهذا نبي الله هود عليه السلام يقول: «وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ».
اقرأ أيضا:
لا تدعها تفوتك.. هكذا تحصل على البركة في مالك وحياتكالاستغفار سند الدنيا والآخرة
الاستغفار ليس سندًا في الآخرة وفقط، وإنما أيضًا في الدنيا، فمن لزمه أعانه الله على حاله، ورزقه البركة في كل شيء، بل وأغناه ورزقه الأولاد، قال تعالى على لسان نبي الله نوح عليه السلام: «فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا » (نوح: 10، 12).
بل أنه وعد إلهي بأن من لزم الاستغفار لا يمكن أن يعذبه الله عز وجل أبدًا، قال تعالى: «وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ » (الأنفال: 33).. فمن أراد عيشة هنية وطمأنينة عليه فقط بالاستغفار، تأكيدًا لقوله تعالى: «وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا » (هود: 3).