عزيزي المسلم، يا من تشغل بالك ليل نهار، بكيف تكون نهايتك، وهل ستفوز في الدنيا والآخرة أم لا، وكيف هو حالك مع ربك؟.. لذا كن موقنًا أن (الحسبة كسبانة) طالما لم تظلم يومًا أحد، لأن الظلم ظلمات يوم القيامة، فاتق دائمًا الظلم واخش أن تقع فيه يومًا، لأن الأمر جلل لاشك، خصوصًا إذا علمنا أن دعوةَ المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، ويقول الله سبحانه وتعالى لها: «وعزتي وجلالي، لأنصرنك ولو بعد حين»، فيما قال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم لسيدنا معاذ ابن جبل رضي الله عنه عندما بعثه إلى اليمن: «واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب».
احذر الضعيف
عزيزي المسلم، إياك أن تحقر أحدهم، أو أن تستضعف أحدهم، لأن هذا الضعيف مولاه رب العالمين، وقد وعده بأن يعيد له حقه مهما كان، فتخيل أنت تبارز الله عز وجل بذاته العليا.. فمن سيكون المهزوم بنظرك؟.. بالتأكيد أنت..
فعن أبي الزبير عن جابر قال لما رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرة البحر قال: «ألا تحدثوني بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة قال فتية منهم بلى يا رسول الله بينا نحن جلوس مرت بنا عجوز من عجائز رهابينهم تحمل على رأسها قلة من ماء فمرت بفتى منهم فجعل إحدى يديه بين كتفيها ثم دفعها فخرت على ركبتيها فانكسرت قلتها فلما ارتفعت التفتت إليه فقالت سوف تعلم يا غدر إذا وضع الله الكرسي وجمع الأولين والآخرين وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون فسوف تعلم كيف أمري وأمرك عنده غدا قال يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقت صدقت كيف يقدس الله أمة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم».
اقرأ أيضا:
الفرق بين الكرم والسفه.. بطون المحتاجين أولىالله يحرمه
إذا كان الله عز وجل في عليائه، وهو الغني عن العالمين، يحرم الظلم، فكيف بك لا تحرمه، إنه سبحانه وتعالى يعطي للكافر ما يستحق، إذا فعل الخير بالناس، فكيف بك تظلم أقرب الناس إليك وسط تبريرات لا نهاية لها؟!
الله عز وجل يراقب فعل الظالم، ويمهله عله يعود عن ظلمه، فإن رآه مستمرًا فيه، أخذه، فكان أخذه أليم شديد، قال تعالى: «وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ » (هود: 102).
لذك حمل القرآن الكريم العديد من الآيات الحكيمة التي تحذرنا من الظلم والوقوع فيه، بل وتؤكد أن الله لا يحب الظالم وهو له بالمرصاد، ومنها قوله تعالى: «وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ » (آل عمران: 57)، وقال تعالى: « إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ » (الأنعام: 21)، وقوله أيضًا عز وجل: « إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا » (النساء: 168، 169).