الابتلاء من الأشياء التي تكشف مدى إيمان المؤمن من عدمه، فمن السنن الكونية وقوع البلاء على الناس، اختباراً لهم, وتمحيصاً لذنوبهم , وتمييزاً بين الصادق والكاذب، مصداقا لقوله تعالى :( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)،وقال تعالى( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)،و قال تعالى( الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ).
وبشر النبي صلى الله عليه وسلم بأن (عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط).
وأكمل الناس إيمانا أشدهم إبتلاء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً اشتد به بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة.
ومن عظم الجزاء للابتلاء ماكان يفعله الصحابة، حيث كان إذا ابتلي أحدهم رحب بالابتلاء، فقد يكون هذا خلافا للعقل والمنطق، لكنّه إذا وقع البلاء كان يعرف الصحابي كيف يستنفر قواه، ويستخرج ذخائره المخزونة، ويشحذ مهاراته المدخرة، ويُوظِّف ذكاءه وتجاربه وإبداعاته المودعة فيه، فالإنسان الذي يواجه الابتلاء فيصمد ويصبر ويكافح، أشبه شيء بالزيتون الخام، ذلك أنّ الزيتون يكون في البداية مُرّاً، فإذا رصّ رصّاً، وكبس كبساً، زالت مرارته، وإذا عُصر عصراً سال زيته النقيّ وهو أكثر قدرة على النفع في أغراض متعدِّدة، أكثر من نفعه وهو ثمرة أسقطتها الشجرة!.
وقد عبر القرآن عن ذلك بالقول: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) (البقرة/ 156).
وقد يبتلي الله عباده بالسراء والضراء وبالشدة والرخاء، وقد يبتليهم بها لرفع درجاتهم وإعلاء ذكرهم ومضاعفة حسناتهم كما يفعل بالأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام- والصلحاء من عباد الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، وتارة يفعل ذلك سبحانه بسبب المعاصي والذنوب، فتكون العقوبة معجلة كما قال سبحانه: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30].
فالغالب على الإنسان التقصير وعدم القيام بالواجب، فما أصابه فهو بسبب ذنوبه وتقصيره بأمر الله، فإذا ابتلي أحد من عباد الله الصالحين بشيء من الأمراض أو نحوها فإن هذا يكون من جنس ابتلاء الأنبياء والرسل رفعًا في الدرجات وتعظيمًا للأجور، وليكون قدوة لغيره في الصبر والاحتساب.
فالحاصل أنه قد يكون البلاء لرفع الدرجات وإعظام الأجور كما يفعل الله بالأنبياء وبعض الأخيار، وقد يكون لتكفير السيئات كما في قوله تعالى: مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ [النساء:123] .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ما أصاب المسلم من هم ولا غم ولا نصب ولا وصب ولا حزن ولا أذى إلا كفر الله به من خطاياه حتى الشوكة يشاكها، وقال صلى الله عليه وسلم " إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة".
اقرأ أيضا:
الامتحان الأصعب.. 3 أسئلة تحصل علمها في الدنيا لتجيب عنها في القبرفوائد الإبتلاء :
تكفير الذنوب ومحو السيئات .
رفع الدرجة والمنزلة في الآخرة.
الشعور بالتفريط في حق الله واتهام النفس ولومها .
فتح باب التوبة والذل والانكسار بين يدي الله.
تقوية صلة العبد بربه.
تذكر أهل الشقاء والمحرومين والإحساس بالآمهم.
قوة الإيمان بقضاء الله وقدره واليقين بأنه لاينفع ولا يضر الا الله .
تذكر المآل وإبصار الدنيا على حقيقتها.
كيف تواجه الابتلاء وتخفف من ثقل المصيبة على نفسك؟
الدعاء: فهو سبب يدفع البلاء، فإذا كان أقوى منه دفعه، وإذا كان سبب البلاء أقوى لم يدفعه، لكن يخففه ويضعفه، ولهذا أمر عند الكسوف والآيات بالصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة.
الصلاة: فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا حزبه أمر فزع الى الصلاة رواه أحمد.
الصدقة" وفى الأثر "داوو مرضاكم بالصدقة".
تلاوة القرآن: " وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين"ا.
الدعاء المأثور: "وبشر الصابرين الذين اذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا اليه راجعون" وما استرجع أحد في مصيبة إلا أخلفه الله خيرا منها.
اقرأ أيضا:
فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة..لا تتنافس على الشر واكتشف سترك الحقيقي