التوبة أمر عظيم في حياة الإنسان وتحول حاله إلى الأفضل سواء في صفاته الشخصية أو سلوكياته.. هي بداية التغيير وتبديل الأخلاق السيئة بأخلاق حسنة، فالمؤمن الذي يستيقظ من غفلته ويريد العودة إلى ربّه يبدأ بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى.
كما أن التوبة هي ثورة تغير النفس و أول خطى التربية، وأول مقامات الإحسان واليقين، ومن لا توبة له، لا سير إلى الله تعالى له. وقد اتفق جمهور العلماء على كون التوبة واجبة على كل مسلم استجابة لقوله جل وعلا: (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ).
التوبة فرصة لمراجعة الحساب وتدارك ما فات. ذلك أن السهو والتقصير من طبع الإنسان؛ فالطينة البشرية تجذبها الدواعي الشيطانية ويستحوذ عليها الهوى. ومن رحمة الله بهذا الإنسان الضعيف، أن يفتح له باب التوبة، ويأمره بالإنابة إليه والإقبال عليه؛ كلما غلبته الذنوب ولوثته المعاصي. ولولا ذلك، لوقع الإنسان في حرج شديد وقصرت همته عن طلب التوبة من ربه، و انقطع رجاؤه من عفوه و مغفرته. قيل لسيدنا الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما:ألا يستحي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود ثم يستغفر من ذنوبه ثم يعود. فقال: ود الشيطان لو ظفر بهذه فلا تملوا(.
ومن رحمة الله تعالى أنّه فتح باب التوبة لكلِّ إنسان مهما ارتكب من خطايا وذنوب. قوله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزّمر/ 53). ففيها كلمة "يا عبادي" التي تُشعر الإنسان بالمحبة والرحمة والعتاب؛ ثمّ تقول له: يا أيّها الإنسان مهما بعدت عن الله تعالى وأسرفت في المعاصي والخطايا فلا تيأس من رحمة الله تعالى وعفوه وغفرانه فإنّه تعالى يغفر الذّنوب جميعاً.
روي عن جابر بن عبد الله أنّه قال: جاءت امرأة إلى النبيّ (ص) فقالت: يا نبيّ الله، إنّ امرأة قتلت ولدها بيدها هل لها من توبة؟ فقال لها: والذي نفس محمّد بيده لو أنّها قتلت سبعين نبياً ثمّ تابت وندمت ويعرف الله من قلبها أنّها لا ترجع إلى المعصية أبداً لقبل الله توبتها وغفر لها، فإنّ باب التوبة مفتوح ما بين المشرق والمغرب، وإنّ التائب من الذّنب كمن لا ذنب له".كما روى عن جابر ، أن أعرابيا دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال : «اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك ، وكبر (أي تكبيرة الإحرام للصلاة) سريعاً - فلما فرغ من صلاته ، قال له علي رضي الله عنه : يا هذا ! إن سرعة اللسان بالاستغفار توبة الكذابين ، وتوبتك تحتاج إلى توبة ؛ فقال : يا أمير المؤمنين ! وما التوبة ؟
قال : اسم يقع على ستة معان :
1- على الماضي من الذنوب بالندامة .
2- ولتضييع الفرائض ؛ الإعادة .
3- وردّ المظالم .
4- وإذابة النفس في الطاعة ، كما ربيتها في المعصية .
5- وإذاقة النفس مرارة الطاعة ، كما أذقتها حلاوة المعصية .
6-والبكاء بدل كل ضحك ضحكته.
اقرأ أيضا:
الذكر يريح القلب ويبعث الطمأنينة .. تعالوا نذكر الله بهذه الطريقةاقرأ أيضا:
كيف تدير مشكلة طرفها امرأة.. هكذا كان يفعل النبي؟!