أنا عملت عمرة مرتين، ومواظب على الصلاة، والصوم، والزكاة.
مشكلتي أنني لا أثق في ربي، فأنا عمرى ما لجأت إليه، أو استعنت به، ووجدته، هل هذا حرام؟
الرد:
مرحبًا يا صديقي..
على الرغم من رسالتك القصيرة جدًا، إلا أنها مؤلمة جدًا!
خلت رسالتك على ألمها، وعظم الحدث، والتساؤل من "التفاصيل"، فأنت لم تذكر حتى اسمك، ولا مهنتك، ولا عمرك يا عزيزي، ولا حالتك الاجتماعية.
وكان المدهش أيضًا سؤالك عن "الحرمانية" بشأن مشاعرك وهي "انعدام الثقة"، أو "الخذلان"، بينما المتوقع أن يكون لديك قلق بشأن علاقتك مع الله وبالتالي التساؤل عن كيفية تحسينها.
ما قلته يرتبط بعلاقتك الأولى بوالديك، نعم، فنحن يا صديقي نرى العالم من خلال علاقتنا بوالدينا، وعلى أساس هذه العلاقة نكون علاقتنا مع أنفسنا، ومع الله، إذ أنهم هم من يبلغوننا عن أنفسنا، وعن الله، هم السلطة الأولى في حياتنا.
مشاعر الخذلان التي تسيطر عليك وقعت عليك من آخرين، من قبل أن تشعر بأنها من جهة الله سبحانه وبحمده تجاهك.
فتوفيقك للصلاة والصوم والزكاة والحج هو من "الله"، وليس في هذا خذلان، أرأيت؟!
هذا الجسد، وتلك الطاقة، والصحة، والمال، كل هذه المنظومة المتكاملة التي استطعت ولازلت تستطيع العيش بوجودها، هي من "الله"، فهل ترى في هذا خذلان؟!
ما تعانيه يا صديقي يسمى بـ "الإساءة الروحية"، وهذه تعرضت لها أنت غالبًا في طفولتك، أو مرحلة المراهقة.
هذا الجرح العميق في علاقتك بالله، قديم، بسبب ما قيل لك عنه سبحانه ووفقًا لهذا التصور المقدم لك تصورت الله وعلاقتك به.
ربما قيل لك في طفولتك، لو صليت ستكون مستجاب الدعاء، أو لن يصيبك مكروه، فإذا بك تفعل وتجد نتائج مختلفة!!
لقد حدث معك هذا لأنه ليس حقيقًيا، هو منطق مغلوط، يستخدمه البالغون مع الأطفال، وللأسف، تكون نتائجه كارثية كالذي حدث معك.
ما وصل إليك من أفكار وصورة ذهنية عن الحياة، والله، وعلاقتك به، يحتاج إلى تصحيح، وإعادة تصور ومراجعة جذرية يا صديقي، فألق ما في رأسك عنه سبحانه بعيدًا، وأبدأ من جديد مع نفسك أولًا بعلاقة جيدة، تنعكس آثارها على علاقتك مع الله، التي هي بالأساس علاقة روحية، ثم شعائر وعبادات.
جرحك غائر، وعميق، ومن المهم تنظيفه، وبداخلك حمم من الواجب اخراجها، لإخماد بركان الغضب والخذلان.
لا بأس من طلب المساعدة المتخصصة، وربما تفيدك كثيرًا مجموعات الدعم النفسي، وهذه أصبحت منتشرة، وموجودة عبر الإنترنت، ويمكنك الالتحاق بها عن طريق مراكز الإرشاد النفسي المتوافرة، فوجودك في بيئة دعم كهذه سيساعدك كثيرًا على التعبير عن مشاعرك بشكل صحي، والحصول على التعافي، وتحسين علاقتك بالله، والتخلص من الإساءة الروحية .
ودمت بكل خير ووعي وسكينة.
اقرأ أيضا:
زوجتي طفلة كلما غضبت خاصمتني وذهبت لبيت أهلها.. ماذا أفعل؟ اقرأ أيضا:
صديقتي تريد الانتحار وأهلها رافضون ذهابها إلى طبيب نفسي .. كيف أنقذها؟ اقرأ أيضا:
أعاقب أطفالي بمنعهم من الأطعمة التي يحبونها.. هل تصرفي خاطيء؟