عندما يذكر الإمام محمد بن سيرين، ذكر عالم المنامات وتفسير غرائب الرؤى، وعجائب الغيب من خلال هذا العلم، لكن كان للإمام ريادة دينية أخرى في العبادة والزهد والورع.
قال أهل التاريخ: كان من أورع أهل البصرة، وكان فاضلا حافظا، يعبر الرؤيا، رأى ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، مات سنة عشر ومائة بعد الحسن بمائة يوم، وقبره بإزاء قبر الحسن بالبصرة مشهور يزار.
قال ابن عون: قال رجل لابن سيرين: قد اغتبتك فاجعلني في حل،
قال: أكره أن أحلّ ما حرم الله تعالى.
وكان يقول للرجل إذا أراد أن يسافر في التجارة: اتق الله واطلب ما قدّر لك من الحلال، فإنك إن لم تطلبه من ذلك لم تصب أكثر مما قدّر لك.
وكان يقول: إذا أراد الله بعبد خيرا جعل له واعظا من قلبه يأمره وينهاه، وكان إذا سئل عن شيء من الفقه والحلال والحرام تغير لونه حتى كأنه ليس بالذي كان.
قال عنه أحد معاصريه: ما رأيت رجلا أفقه في ورعه ولا أورع في فقهه من ابن سيرين.
ولقد ترك ابن سيرين ربح أربعين ألفا في شيء دخله ما يختلف فيه أحد من العلماء.
 وقد أوصى الصحابي أنس بن مالك أن يغسله ابن سيرين , وكان محبوسا، فقيل له في ذلك فقال: أنا محبوس، قالوا: قد استأذنا الأمير فأذن لك.
قال: إن الأمير لم يحبسني، إنما حبسني الذي له الحق، فأذن له صاحب الحق فخرج فغسله.

اقرأ أيضا:

قصة الورقة التي أبكت الشافعي بعد أن رفض الصلاة على صاحبها

وكان إذا دعي إلى وليمة يدخل في منزله فيقول: اسقوني شربة سويق، فقيل له في ذلك، فقال: أكره أن أحمل حدة جوعي على طعام الناس.
وقال عاصم الأحول: لم يترك ابن سيرين أحدا يمشي معه.
وقال: المسلم للمسلم عند الدرهم، وكان يخرج الأموال الزائفة من ماله.
وقد كان لابن سيرين منازل لا يكريها إلا من أهل الذمة فقيل له في ذلك، فقال: إذا جاء رأس الشهر روعته بالأجرة، وأكره أن أروع مسلما.
وقال أحد معاصريه: دخلت أنا وابن عون وسهم على ابن سيرين , فقال: ما أدري ما أتحفكم به كلكم، وكان في بيته خبز ولحم، يا جارية هاتي تلك الشهدة، فجاءت بها فجعل يقطع ويأكل ويطعمنا.
وقال ابن عون: ما أتينا ابن سيرين في يوم إلا أطعمنا خبيصا أو فالوذجا، فلما ركبه الدين خفف مطعمه حتى كنت آوي له، أي أرق له، وكان أكثر ما يأتدم به السمك الصغار.
وكان ابن سيرين يدخل السوق نصف النهار، يكبر ويسبح ويذكر الله، فقيل له في هذه الساعة؟ فقال: إنها ساعة غفلة.
وروى عنه أنه كان إذا ذكر الموت عنده يموت كل عضو منه على حدته.