سورة الضحى هي سورة مكية، من المفصل، آياتها ، وترتيبها في المصحف 93، في الجزء الثلاثين، وعددها 11آية نزلت بعد سورة الفجر بدأت بأسلوب القسم وَالضُّحَى - ، نزلت بعد سورة الفجر
وتعود قصة نزول هذه السورة إلي شكوي النبي إذ لم يقم ليلة أو ليلتين، فأتت امرأة فقالت، يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك، فأنزل الله عز وجل ( والضحى )» قيل : أن المرأة هي العوراء بنت حرب زوج أبي لهب، وهي حمالة الحطب .
يَدُورُ مِحْوَرُ السُّورَةِ حَوْلَ شَخْصِيـَّةِ النبي ، وَمَا حَبَاهُ الَّلهُ بـِهِ مِنَ الفَضْلِ وَالإِنْعَامِ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ؛ لِيَشْكُرَ الَّلهَ عَلَى تِلْكَ النِّعَمِ الجَلِيلَةِ.
حيث أوحى الله لرسوله أجمل الكلمات فيبدأ يقسم رب العزة بآياته الظاهرة فيما خلق بالضحى والليل إذا سجى - ليقول لرسوله ماودعتك ومانسيتك واعدك أن لك عندى في الآخرة خير من الأولى ولسوف اعطيك حتى ترضى أي ماتريد حتى ترضى، الاتتذكر لقد كانت عين ربك عليك فلقد وجدتك يتيما فآويتك وضالا لكن لست مضل تريد أن تعرف الحق والحقيقة فهديتك إلى الحق والحقيقة ووجدتك عائلا فأغنيتك لذلك لاتقهر يتيما ولا تنهر سائلا وحدث بنعمة ربك عليك فانك لست كالناس أنت مميز عنهم أنت من المصطفين والمقربين منى
عبدالباري الثبيتي، إمام وخطيب المسجد النبوي تحدث بشكل مفصل عن سورة الضحي واسباب نزوله وفضلها قائلا ، إنه احتبس الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فترة من الزمن فتربص المتربصون وشكك المشككون، فأنزل الله تعالى عليه سورة قرآنية مسحت آلامه
«الثبيتي" أوضح خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أنه أنزل الله تعالى سورة الضحى، التي تجلت محبة الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وقربه وفضله وآنسته ومسحت آلامه، نوهًا بأنه في تفسير « مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى» بالقول أن الله لا يجافي عبدًا علق قلبه به بل يقربه ويدنيه ويعز شأنه ففي هذه السورة خاطب الله تعالى كل مؤمن ومؤمنة صدق مع الله وتسكب في النفس شعور قرب الله ومعيته وتفيض السعادة والرضى.
ودلل خطيب المسجد النبوي علي فضل وثواب هذه السورة بما جاء في الحديث القدسي «وَمَا يَزالُ عَبْدِي يتقرَّبُ إِلى بالنَّوافِل حَتَّى أُحِبَّه، فَإِذا أَحبَبْتُه كُنْتُ سمعهُ الَّذي يسْمعُ بِهِ، وبَصره الَّذِي يُبصِرُ بِهِ، ويدَهُ الَّتي يَبْطِش بِهَا، ورِجلَهُ الَّتِي يمْشِي بِهَا، وَإِنْ سأَلنِي أَعْطيْتَه، ولَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَّنه »، وفي قوله تعالى « وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأولَى» بالقول أن عاقبة كل أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم خير من أوله فلم يزل صلى الله عليه وسلم يصعد في درج المعالي ويمكن الله له دينه وينصره ويسدد له أحواله حتى انتقل إلى الرفيق الأعلى وكل يوم يمضي من عمره يزيده الله تعالى عزًا على عز ونصرًا وتأييدًا
وأشار خلال خطبته إلي أن الآخرة خير من الأولى في كل أقدار الله عز وجل، حيث إن العبد يتعامل مع رب كريم يختبر العبد ثم يفرج عنه وينتهي الأمر إلى سعة، مبينًا أن كل حالة متأخرة فإن لها الفضل على ما سبقها من حال، كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم ما أعد الله تعالى أن الآخرة خير له من الأولى.
واستدل بما جاء في الحديث النبوي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «قال الله: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر»، وقوله صلى الله عليه وسلم «وموضِعُ سَوطِ أحَدِكُم في الجنَّةِ خَيرٌ مِنَ الدُّنيا وما فيها »، فالله تعالى خير رسوله صلى الله عليه وسلم بين أن يعيش في الدنيا ما يعيش وبين ما عند الله فاختار ما عند الله .
ومضي خطيب المسجد النبوي إلي القول إن صاحب العقل الرشيد يعلم أن الآخرة خير من الأولى فالدنيا زائلة فهذا المعنى الأصيل يدفع المسلم إلى أن يحسن إيمانه ويصلح أعماله ويهذب سريرته ويسثمر أوقاته ، أما عن قول الله تعالى « وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ» أن الرضى غايه ما يطلبه المرء وهي تحكي مكانة المعطي ومكانة المعطى له ومقامه عند المعطي فهي بمعناها ومدلولها عطاء لا حد لنعيمه .
ولم يفت خطيب المسجد النبوي التأكيد علي أن : الله تعالى أعطى لنبيه صلى الله عليه وسلم مكانًا عليًا فوق السموات العلى وختم به رسالاته وجعل أمته أفضل الأمم والكتاب المنزل إليه أفضل الكتب شرعه خير الشرائع قال تعالى «تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورًا » أعطاه الشفاعة في أهل الموقف والشفاعة في أهل الجنة ، موضحًا أن الرضى هو عطاء الله تعالى لمن أقبل على الله فأحبه ومن أحبه الله أدناه وقربه وسيرضيه. راحة البال وطمأنينة قلب وزوال هم وقلق وفي الآخرة فهو في عيشة راضية.
وأردف الثبيتي : فكما آواه يتيمًا أغناه في كل مراحل حياته صلى الله عليه وسلم بتربية أبي طالب له ثم بمال خديجة ثم بمال أبي بكر ثم غناه بالهجرة، وهذه النعم التي امتن الله بها على نبيه صلى الله عليه وسلم إذا تدبرها المهموم وتأملها من حلت به مصيبة أو عوائق في طريقه فإنها تفتح له آفاق من التفاؤل .
وأشار إلى أنه في قوله تعالى « فأما اليتيمَ فلا تقهرّ * وأما السائلَ فلا تنهرْ» فهذه الآيات توصل لمعنى الحياة الرشيدة والتي من أسسها التكافل والتراحم .وهي نداء لكل من أنعم الله عليه بالجاه بعد أن كان نكرة ، وآواه بعد يتم ، وأغناه بعد فقر ، ورفع شأنه بعد ذل؛ أن يشكر نعمة الله. فلا تقهر اليتيم ، ولا تذله وتنهره ، ولكن أحسن إليه ، وتلطف به ، ولا تكن على الضعفاء جبارا ، ولا متكبرًا ، وحث المسلمين على التأمل في قول الله تعالى « وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ» و التقليب في صفحات الحياة لترى نعم الله مع كل حركة ونفس
هذه الفضائل والشمائل التي خص بها الله رسوله صلي الله عليه وسلم وامته وشريعته والكتاب المنزل عليه وجعل أمته خيرة أمة اخرجت للناس يحثنا علي الاعتصام بكتاب الله والإكثار من قراءة سورة الضحي فهي من مسحت آلام النبي وفرجت كربه .