عزيزي المسلم، تقول الحكمة: «إن ما يخرج من فمك هو عصارة ما أدخلته في عقلك.. فانتقي الألفاظ حين تخرجها، واحذر قبل أن تفكر في أمر ما، أن يكون سببًا في دمار أو خراب لك»..


بالأساس الشيطان أقسم على ذلك، على أن (يسوقك) كيفما شاء، ولكن ليست السياقة التي تتصورها أو تدركها، وإنما هو فقط يوسوس لك، ومن ثم يتخذ عقلك شكل التفكير السيء، أو الانتقام، أو الشهوة، أو ما إلى ذلك من أدواته اللعينة، ثم تكون النتيجة، ما تتفوه به أمام الناس، وهي الطامة الكبرى، أن يستغلك هذا اللعين فيما يريد، وأنت تنفذ دون حتى ذرة تفكير، لأن الشيطان اللعين أقسم بعزة الله تعالى أن يغوي البشر أجمعين، قال تعالى: « قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ » (ص: 82 - 83).

الاستحواذ الشيطاني

أن تصل إلى مرحلة ما من الاسترسال في العصيان، وأن تتعود على التفوه دائمًا بما لا يرضي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فأنت إذن أصبحت (ألعوبة وأضحوكة) في يد الشيطان، فيبدأ في ضمك إلى حزبه، ويجعلك جند من جنوده، فتكون لاشك من الذين خسروا الدنيا والآخرة، مصداقًا لقوله تعالى: « اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ » (المجادلة: 19).


عزيزي المسلم، حتى لا تصل إلى هذه المرحلة، كيف تنسى تحذيرات نبيك الأكرم صلى الله عليه وسلم، إذ يروى أنه جاء أعرابيًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، علمني عملًا يدخلني الجنة؟ فقال: «إن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة، أعتق النسمة، وفك الرقبة، فإن لم تطق ذلك، فأطعم الجائع، واسق الظمآن، وآمر بالمعروف، وانه عن المنكر، فإن لم تطق ذلك، فكف لسانك إلا عن خير».

اقرأ أيضا:

عقوق الأبناء.. قبل أن يتحول إلى عادة مدمرة!

احفظ عقلك قبل لسانك

عزيزي المسلم، لكي تحفظ عليك لسانك، عليك أولا أن تحفظ تفكيرك وعقلك، لأن العقل بمثابة آلة حفظ الفعل، ومن ثم يخرجه اللسان لاحقًا، فإذا أتاك الشيطان يخدعك بأن فلان يكرهك، أو أن فلانة (المتزوجة) ترغب فيك، فاحذر، إنها (الخية) التي ينصبها لك، وبمجرد وقوعك، يكون الفعل عبر الجسم واللسان، وحينها كأنك ألقيت بنفسك في جحيم، تريد أن تعود لكن هيهات، فقد سأل عقبة بن عامر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، ما النجاة؟ فقال: «أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك».