حياة الأئمة مليئة المواقف العجيبة والمشوقة، والتي تكشف علو قدرهم ومكانتهم، ومن هؤلاء الإمام مالك بن انس رضي الله عنه.
يقول عيسى بن معن: انصرف الإمام مالك من المسجد يوما وهو متكئ على يدي فلحقه رجل يقال له أبو الجويرية كان يتهم بالإرجاء فقال: يا أبا عبد الله اسمع مني شيئا أكلمك به، وأحاجك وأخبرك برأيي، قال: فإن غلبتني؟ قال: اتبعني، قال: فإن غلبتك؟ قال اتبعتك، قال: فإن جاء رجل فكلمناه فغلبنا؟ قال: اتبعناه، قال: يا عبد الله بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بدين واحد وأراك تتنقل، قال عمر بن عبد العزيز: من جعل دينه غرضا للخصومات فقد أكثر التنقل.
وكان مالك يقول : ما آية في كتاب الله أشد على أهل الأهواء من هذه الآية: " يوم تبيض وجوه وتسود وجوه"، يقول الله: " فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم".
وقال مالك: ما أبين هذه الآية على القدرية وأشدها عليهم: " ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني"، فلابد أن يكون ما قال الله تعالى.
وجاء رجل إلى مالك , فقال له: يا أبا عبد الله أسألك عن مسألة أجعلك حجة فيما بيني وبين الله، قال مالك: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، سل.
قال: من أهل السنة؟ قال: أهل السنة الذين ليس لهم لقب يعرفون به، لا جهمي، ولا قدري , ولا رافضي.
اقرأ أيضا:
للعالم والمتعلم.. نصائح ذهبية من الإمام عليمنامات عجيبة:
وقال أحد العلماء: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام منذ أكثر من خمسين سنة، فقلت: يا رسول الله إن مالكا , والليث يختلفان فبأيهما نأخذ قال: «مالك مالك» .
وقال آخر: رأيت في منامي أني دخلت مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافقت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، إذ أقبل مالك بن أنس فدخل من باب المسجد فلما أبصره رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إليّ إليّ» ، فأقبل مالك حتى دنا منه فسل خاتمه من خنصره فوضعه في خنصر مالك.
وقال مصعب بن عبد الله، عن أبيه: كنت جالسا مع مالك بن أنس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فقال: أيكم مالك؟ فقال: هذا، فسلم عليه واعتنقه وضمه إلى صدره وقال: والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة جالسا في هذا الموضع فقال: " هاتوا بمالك، فأتي بك ترعد فرائصك فقال: «ليس بك بأس يا أبا عبد الله» وكناك وقال: «اجلس فجلست» ، فقال: «افتح حجرك ففتحته فملأه مسكا منثورا».
وقال: «ضمه إليك وبثه في أمتي» ، قال: فبكى مالك , وقال: الرؤيا تسر ولا تغرّ، وإن صدقت رؤياك فهو العلم الذي أودعني الله تعالى.
وقدم الخليفة المهدي المدينة فبعث إلى مالك بألفي دينار أو بثلاثة آلاف، ثم أتاه الربيع بعد ذلك، فقال له أمير المؤمنين: يجب أن تعادله إلى مدينة السلام.
فقال له مالك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون» والمال عندي على حاله.