عزيزي المسلم، لو رأيت بعينك الفرق بين نتيجة اختياراتك واختيارات الله عز وجل .. لحمدت المولى سبحانه وتعالى، على كل شيء منعها عنك.. لكننا للأسف ( بنحب نقاوح )
فهذا عروة ابن الزبير، شقيق سيدنا عبدالله ابن الزبير، وكان عابدًا زاهدًا، يحبه كل الناس لزهده وروعه، إلا أنه أصيب يومًا بمرض، اضطره لقطع إحدى قدميه، فعرضوا عليه أن يشرب الخمر أثناء العملية الجراحية وقطع قدمه، فأبى وقال: (لا أستعين بحرام الله على ما أرجو من عافيته)، قالوا: (فنسقيك المرقد (نوع من المهدئات)؟، قال: (ما أحب أن أسلب عضوًا من أعضائي وأنا لا أجد ألَم ذلك فأحتسبه)، فلما جاؤوا بالمتشار وجذوا قدمه ظل يكبر ويهلل، ويحمد الله، حتى غاب عن الوعي، فلما أفاق قال: (والله يعلم الله أني لم أمش بها في معصية قط).. إنه علم أنه اختيار الله، فما كان منه إلا أن رضي وصبر واحتسب.. بينما نحن قد يصيب بعضنا شوكة بسيطة فيلطم الخدود ويصرخ ويصيح، وكأنه يرفض اختبار الله له وليعاذ بالله.
ما منعك إلا ليعطيك
على كل مسلم أن يكون مبدأه في الحياة، (ما منعك إلا ليعطيك)، نعم فهو القادر على كل شيء، ولم يكن يحرمك من أمر إلا لأنه يعلم تمامًا العلم أنه ليس بالأمر الذي يفيدك، وإنما لهو الأمر الذي يضرك، ولذلك يخبء لك عنده الأفضل، ثق في ذلك جيدًا، فالعبد الواعي هو من يتأدب مع ربه عز وجل، ولم يغضب أو يهتز إذا تأخر أمر ما دعا به أو سأل الله عز وجل عنه، وليكن على يقين بأن ثمرة هذه الثقة في الله والاطمئنان إلى حكمته وتدبيره إنما هي الفوز الكبير، قال تعالى: « مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ » (الحديد: 22، 23).
اقرأ أيضا:
الوقوع في الزنا مصيبة يمكن التكفير عنها بهذه الطريقةلن يتخلى عند أبدًا
عزيزي المسلم، إذا تركت كل أمورك في يد الله عز وجل، فاعلم يقينًا أنه لن يتركك وحدك أبدًا، فهؤلاء بني إسرائيل قد من الله عز وجل عليهم وهو مع نبي الله موسي عليه السلام في طريقهم إلى بيت المقدس لتحريره بالمن والسلوى، فعطشوا وانقطعت بهم السبل، وبدا شبح الهلاك يلوح في الأفق، غير أنهم في طريق الله وفي سبيله.. أيتركهم الله؟ أيتخلى عنهم؟.. كلا والله، قال تعالى: « وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ » (البقرة:60)، فكيف بنا ونحن خير أمة كيف يتركنا الله عز وجل، ونحن نوقن في نجاته وفضله.. فقط الثقة في الله هي السبيل إلى النجاة.