يقول الله تعالى عن نبيه : " وما علمناه الشعر وما ينبغي له"، ولكن هناك كلام صدر من النبي الكريم جاء موزونا مقفى بصيغة الشعر.
والصواب أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يحسن الشعر ويحرم عليه التوصل إلى تعلمه وروايته .
وأخبر سبحانه وتعالى عن نبيه بأنه لم يؤته معرفة الشعر، وأنه لا ينبغي له أن يصلح له.
قال الخليل بن أحمد مؤسس علم العروض الذي تجري عليه اوزان الشعر:كان الشعر أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من كثير من الكلام ولكن لا يتأتى له.
وعن الحسن البصري- رضي الله تعالى عنه- أنه صلى الله عليه وسلم كان يتمثل بهذا البيت:
............... ...... ... كفى الإسلام والشيب للمرء ناهيا
قال أبو بكر- رضي الله عنه-
............... .... ... كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
فأعادها بالأول فقال: أشهد أنك رسول الله، بقول الله تعالى : وما علمناه الشعر وما ينبغي له".
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهاوروى ابن سعد أنه صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن مرداس: أرأيت قولك:
أتجعل نهبي ونهب العبيد .. بين الأقرع وعيينة
فقال أبو بكر: إنما هو بين عيينة والأقرع، فقال: هم سواء.
يقول الصحابي ابن عمرو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما أبالي ما أتيت إن أنا شربت ترياقا قال: أو تعلقت تميمة أو قلت الشعر من قبل تعس»،أي من جهة تعسي، فخرج به ما قاله حاكيا وعن غيره لا عن نفسه، كما في الصحيح أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد.
ألا كل شيء ما خلا الله باطل............... ...
وقال الإمام إبراهيم الحربي، ولم يبلغني أنه صلى الله عليه وسلم أنشد بيتا تاما رويته بل إما الصدر كقول لبيد:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل............... ........
أو العجز كقول طرفة:
............... ....... ... ويأتيك بالأخبار من لم تزود
فإن أنشد بيتا كاملا غيرّه كبيت العباس بن مرداس.
وروى البيهقي عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت: ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت شعر قط.
وقال الإمام الزهري إن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهم يبنون المسجد:
هذا الحمال لا حمال خيبر ... هذا أبر ربنا وأطهر
قال: فكان الزهري يقول: إنه لم يقل شيئا من الشعر إلا قد قيل قبله أو نوى ذاك إلا هذا.
قال العلماء- رحمهم الله تعالى-
وما روي عنه صلى الله عليه وسلم من الرجز كقوله:
هل أنت إلا أصبع دميت ... وفي سبيل الله ما لقيت
وغيره محمول على أنه لم يقصده ولا يسمى شعرا إلا ما كان مقصودا، وكذا وقع في القرآن آيات موزونة، لأنها لم تقصد.
وقال أهل البديع: إن الانسجام هو أن يكون الكلام لخلوه من الانعقاد متحدرا كتحدر الماء المنسجم ويكاد لسهولة تركيبه وعذوبة ألفاظه أن يسيل رقة وإذا قوي الانسجام في النثر جاءت فقراته موزونة بلا قصد لقوة انسجامه، ومن ذلك ما وقع في القرآن موزونا، فمنه:
1-من بحر الطويل: فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر.
2- ومن المديد واصنع الفلك بأعيننا.
3- ومن البسيط: فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم.
4- ومن الوافر: ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين.
5- ومن الرمل : " ووضعنا عنك وزرك.. الذي أنقض ذكرك.
6- ومنه أيضا: " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون".
وبذلك لابد أن يكون الكلاما شعرا ويعترف به شعرا عند أهل هذه الصناعة بأن تتوفر فيه ثلاثة شروط:
1-النية والقصد والإرادة.
2- أن يكون مقفى.
3- أن يأتي على أوزان شعر العرب.