"وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذ فَلَمَّا رَأَىٰ أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً * قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ"
الأيات 69و70من سورة هود لخصت لحظات دقيقة في تاريخ سيدنا إبراهيم ومنعطفا شديد الهمية إذ مثل ضيوف سيدنا إبراهيم تطورا لافتا تمثل في سعي الله لتكريم خليله بعد أن نزلا طائعا مختارا علي مر ربه بذبح وحيده إسماعيل فجاءته البشري الفورية بان الله سيهبه ذكرا أخر من زوجته الأولي سارة الطاعنة في السنة بعد عقود طويلة من عدم الانجاب" وبشرناه بإِسحاق نبيا من الصالحين" ” .
الإمام ابن كثير رحمه الله قال في تفسيره لهذه الية فى تفسيره هذه الآية، يقول تعالى: «ولقد جاءت رسلنا» وهم الملائكة، إبراهيم بالبشرى، قيل: تبشره بإسحاق، وقيل: بهلاك قوم لوط، ويشهد للأول قوله تعالى: «فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا فى قوم لوط»، «قالوا سلاما قال سلام» أى: عليكم.
علماء البلاغة دخلوا علي خط التفسير بالقول : هذا أحسن مما حيوه به، لأن الرفع يدل على الثبوت والدوام، «فما لبث أن جاء بعجل حنيذ» أى ذهب سريعا، فأتاهم بالضيافة، وهو عجل: فتى البقر، حنيذ «مشوى» شيا ناضجا على الحجارة المحماة
الإمام ابن كثير عاد للقول مجددا فى الآية 70 من سورة هود «فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم» تنكرهم، «وأوجس منهم خيفة»، وذلك أن الملائكة لا همة لهم إلى الطعام ولا يشتهونه ولا يأكلونه، فلهذا رأى حالهم معرضين عما جاءهم به ، فارغين عنه بالكلية فعند ذلك نكرهم، «وأوجس منهم خيفة».
المؤرخون وكتاب السير اختلفوا في عدد ضيوف سيدنا إبراهيم حيث كد البعض نهم : كانوا أربعة: جبريل ، وميكائيل، وإسرافيل ، ورفائيل، وقال نوح بن قيس: فزعم نوح بن أبي شداد أنهم لما دخلوا على إبراهيم ، فقرب إليهم العجل، مسحه جبريل بجناحه ، فقام يدرج حتى لحق بأمه، وأم العجل في الدار.
وقصة ضيف سيدنا إبراهيم تبدا بعد ان ا خضع سيدنا إبراهيم ، عليه أفضل السلام ، لما أمره به رب العباد ، جل علاه ، في أن يقوم بذبح ولده ، وهو سيدنا إسماعيل ، عليه أفضل السلام ، فأراد الله جل علاه ، أن يكافئ سيدنا إبراهيم ، عليه السلام ، جزاءًا بما صنع ، وأطاع أمره ، ومن ضمن أرزاق الله سبحانه وتعالى إليه ، أنه قد رزقه ، وبشره بولدٍ آخر ، حتى تقر به عيناه ، ويزيد نسله في الأرض ، إذ قال سبحانه وتعالى : ”
منن الله سبحانه وتعالى توالت علي خليله ، وكان من بينها ، أنه في يوم من الأيام ، قد جاءت الملائكة إلى سيدنا إبراهيم ، عليه أفضل السلام ، على هيئة ضيوف ، وقد دخلوا عليه ، وهو لا يعرفهم ، ولا يعرف من الأساس ، أن أولئك الضيوف ، هم من الملائكة .
خليل الله عليه الصلاةوالسلام كان ، معروفا بكثرة صنيعه الخير ، ومعروف الزاخر ، وإكرامه لجميع ضيوفه ، مهما كانوا ، عرفهم كان ، أم لم يعرفهم ، فقام سيدنا إبراهيم ، عليه السلام ، على الفور ، وذهب ، وإذا به يعود بعجل سمين ، وقام بشوائه على النار ، وبعد الانتهاء من إعداده ، وطهيه بطريقة شهية ، قدم سيدنا إبراهيم لضيوفه الطعام ، كل ذلك ، وهو يظن فعلًا ، أن ضيوفه آدميين ، أي أنهم من البشر ، وليسوا من الملائكة .
ولكن أولئك الضيوف ، غير أي ضيوف ، وردت على سيدنا إبراهيم ، عليه السلام ، وبعد أن وضيع سيدنا إبراهيم الطعام لضيوفه ، أخذ يراقبهم ، فلم يمد أي واحد من ضيوفه يده ، حتى يأكل من الطعام ، الذي طالما مكث وقتًا طويلًا ، حتى يعده إليهم خصيصًا .
فلما رأى سيدنا إبراهيم من ضيوفه ذلك ، خاف ، وخشي كثيرًا ، لأن من عادة العرب ، أنه من لا يأكل من الطعام المعد له ، فإنه يضمر شرًا لأولئك الذين أعدوه من أجله ، وهنا لاحظت الملائكة خوف سيدنا إبراهيم ، فأخذوا يبعدوا عنه ذلك الخوف ، وأخبروه على الفور ، بأنهم من الملائكة ، وليسوا من البشر ، وأخبروه بأن الله ، جل علاه ، قد أرسلهم إلى قوم لوط حتى يوقعوا بهم والهلاك ، والعذاب الشديد بشكل ثار تحفات خليل الرحمن عليه السلام
أثناء محاولات الملائكة تبديد مخاوف سيدنا إبراهيم وتعداد النعم التي من بها الله عليه سمعت السيدة سارة تلك البشريات .
اقرأ أيضا:
ابتلاءات لم يصبر عليها إلا إبراهيم.. كيف ضرب "الخليل" المثل في الرضا بها؟وفرحت بها وبل واستغربت عندما ابلغوها ، و بشروها ، بأن الله سيرزقهامن البنين إسحاق عليه السلام ، وأنها ستحيا لترى ولد ولدها ، وهو سيدنا يعقوب ، عليه السلام ، مما أثار تعجب ، واستغراب السيدة سارة حيث جلست تتساءل السؤال تلو الخر ، كيف لها أن تلد ، وهي عجوز ؟ وأنها عقيم أصلًا ، لم تكن تلد من قبل ، وجاءه الرد بشكل مباشر في قوله تعالي " قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِى شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَىْءٌ عَجِيبٌ • قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾ سورة هود 72، 73