.
الدكتور شوقي علام مفتي جمهورية مصر العربية رد علي هذا التساؤل قائلا :مما تقرر شرعًا أن الرضاع ينزل منزلة النَّسَبِ في جملةٍ من الأحكام والآثار؛ كإثبات حُرمة النكاح والنظر، والخلوة في السفر والحضر؛ فتصير المرضِعة أُمًّا من الرضاع لِمَن أرضعَته خمسَ رضعاتٍ متفرقات مُدَّة الرضاع -على المختار للفتوى-: يحرم بها على أصولها وفروعها، ويصير زوجها أبًا له؛ قال تعالى: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ﴾ [النساء: 23].
مفتي الديار المصرية استدل في الفتوي المنشورة علي البوابة الاليكترونية لدار الافتاء بما قاله الإمام قال الإمام الزمخشري في "الكشاف": [نزَّل اللهُ الرضاعةَ منزلةَ النسب، حتى سمَّى المرضعةَ أمًّا للرضيع، والمُرَاضَعةَ أختًا، وكذلك زوجُ المرضعةِ أبوه، وأبواه جدَّاه، وأختُه عمتُه، وكلُّ وَلَدٍ وُلِدَ له من غير المرضعة قَبْلَ الرضاع وبعدَه فهم إخوته وأخواته لأبيه، وأم المرضعة جدّتُه، وأختُها خالته، وكلُّ مَن وُلِدَ لها مِن هذا الزوج فهم إخوته وأخواته لأبيه وأمه، ومَن وُلِدَ لها مِن غيره فهم إخوته وأخواته لأمه]
وبحسب فتوي الدكتور علام فقد روي عن أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن ابيها أن عمها من الرضاعة يسمى أفلح استأذن عليها فَحَجَبَتْهُ، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال لها: «لَا تَحْتَجِبِي مِنْهُ؛ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ» متفقٌ عليه واللفظ لمسلم.
ووفي نفس السياق قال الإمام أبو بكر بن المنذر في "الإقناع": [فإن أرضعت امرأة الرجل جاريةً: حرمت على أَبيه وعلى ابنه وعلى جده وعلى بني بنيه وبني بناته، وعلى كل ولدٍ لَهُ ذكر، وولدِ ولده، وعلى كل جدٍّ لَهُ من قبل أَبِيهِ وأمه، وإذا كَانَ المرضع غلامًا: حرم عليه ولد الْمَرْأَة التي أرضعته، وأولاد الرجل الذي أرضع هذا الصبي بلبنه، وَلا تحل لَهُ عمته من الرضاعة وَلا خالته وَلا ابنة أخيه وَلا ابنة أخته] افالحرمة كما تثبتُ للمرضِع: تثبتُ أيضًا لزوجها عند جماهير العلماء، فيصير أبًا لمن رضع من زوجته؛ وذلك لأن اللبن منهما معًا، فكأنه حصل من بطنها وظهره من حين وطئه لها.وقال الإمام أبو عمر بن عبد البر المالكي في "الاستذكار" (6/ 241، ط. دار الكتب العلمية): [وإذا كانت الأم من الرضاع محرمة: كان كذلك الأب؛ لأن اللبن منهما جميعًا.
وأشار الدكتور علام إلي أن ضابط الرضعة يُرجَع فيه إلى العُرْف؛ لأن الشرع وردَ بها مطلقًا، ولم يَحُدَّها بزمنٍ ولا مقدار، فمرَدُّها للعُرْف؛ فما قُضِيَ عُرْفًا بكونه رضعةً أو رضعاتٍ اعتُبِر، وإلا فلا، ولا فرق في ذلك بين الارتضاع من ثدي المرأة مباشرةً، أو عن طريق إفراغ لبن ثديها ووضعه في فم الرضيع، فيما يُعرفُ بـ"الإيجار"؛ لأن المؤثر في التحريم هو حصول الغذاء باللبن؛ بما ينبتُ اللحم وينشزُ العظم؛ "لَأن اللَّبن لَا يَمُوت" كما قال أبو العالية فيما أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"، قال الإمام ابن قُتيبة في "غريب الحديث" (2/ 45، ط. مطبعة العاني): [أي: لا يبطل عمله بمفارقته.. ومعناه: قول الفقهاء: السعوط والوَجُورُ يحرمان ما يحرمه الرَّضَاع.