حكايات وعجائب القصص عن العدل لا تنتهي، حيث اشتهر الكثيرون حتى من غير المسلمين بالعدل ومن هؤلاء كسرى ملك الفرس.
عدل كسرى:
من كلام كسرى: لا ملك إلا بالجند، ولا جند إلا بالمال، ولا مال إلا بالبلاد ولا بلاد إلا بالرعايا، ولا رعايا إلا بالعدل.
وقيل: مات بعض الأكاسرة فوجدوا له صندوقا، ففتح، فوجد فيه حبة رمان كأكبر ما يكون من النوى معها رقعة مكتوب فيها: هذه من حب رمان عمل في خراجه بالعدل.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهاحوار بين عالم وحاكم:
وكان أحمد بن طولون والي مصر متحليا بالعدل مع تجبره وسفكه للدماء، وكان يجلس للمظالم وينصف المظلوم من الظالم.
وقد حكي أن ولده العباس استدعى بمغنية وهو يصطبح يوما، فلقيها بعض صالحي مصر ومعها غلام يحمل عودها فكسره، فدخل العباس إليه وخبره بذلك، فأمره بإحضار ذلك الرجل الصالح.
فلما أحضر إليه قال: أنت الذي كسرت العود، قال: نعم. قال: أفعلمت لمن هو؟ قال:نعم هو لابنك العباس.
قال أحمد بن طولون: أفما أكرمته لي، قال أكرمه لك بمعصية الله عز وجل، والله تعالى يقول: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق".
فأطرق أحمد بن طولون عند ذلك، ثم قال: كل منكر رأيته فغيره وأنا من ورائك.
يهودي مع عبد الملك بن مروان:
وقف يهودي لعبد الملك بن مروان فقال: يا أمير المؤمنين إن بعض خاصتك ظلمني فأنصفني منه وأذقني حلاوة العدل، فأعرض عنه، فوقف له ثانيا، فلم يلتفت إليه.
فوقف له مرة ثالثة، وقال يا أمير المؤمنين إنا نجد في التوراة المنزلة على كليم الله موسى صلوات الله وسلامه عليه: إن الإمام لا يكون شريكا في ظلم أحد حتى يرفع إليه فإذا رفع إليه ذلك ولم يزله، فقد شاركه في الظلم والجور.
فلما سمع عبد الملك كلامه فزع وبعث في الحال إلى من ظلمه، فعزله وأخذ لليهودي حقه منه.
أقوى حوار عن العدل مع أبي جعفر المنصور:
وروي أن رجلا من العقلاء غصبه بعض الولاة ضيعة له، فأتى إلى الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور.
فقال له: أصلحك الله يا أمير المؤمنين أأذكر لك حاجتي أم أضرب لك قبلها مثلا؟
فقال: بل اضرب المثل، فقال: إن الطفل الصغير إذا نابه أمر يكرهه فإنما يفزع إلى أمه إذ لا يعرف غيرها وظنا منه أن لا ناصر له غيرها، فإذا ترعرع واشتد كان فراره إلى أبيه.
فإذا بلغ وصار رجلا وحدث به أمر شكاه إلى الوالي لعلمه أنه أقوى من أبيه، فإذا زاد عقله شكاه إلى السلطان لعلمه أنه أقوى مما سواه، فإن لم ينصفه السلطان شكاه إلى الله تعالى لعلمه أنه أقوى من السلطان.
وقد نزلت بي نازلة، وليس أحد فوقك أقوى منك إلا الله تعالى، فإن أنصفتني وإلا رفعت أمري إلى الله تعالى في الموسم، فإني متوجه إلى بيته وحرمه.
فقال المنصور: بل ننصفك، وأمر أن يكتب إلى واليه برد ضيعته إليه.