كثيرًا ونحن نسير في الطرقات، أو نجلس في مجلس علم، نسمع إلى هذه الجمل: (يا خفي الألطاف نجنا مما نخاف.. ويا مدبر الأمر دبر لي أمري)، فما معناها، ولما يتمسك بالناس بها إلى هذه الدرجة.. بداية مُدبر الأمر، تعني (أنك كنت على وشك أن تبتلى ببلاء عظيم، ودون أن تشعر يبعدك المولى عز وجل عن هذا الطريق).. أما معنى خفي اللطف.. فأنك لم تكن تدري عن هذا البلاء وحفظك الله منه قبل وقوعه.. وهي أمور غيبية، لا يعلمها إلا الله وحده، فترى أحدهم يسأل الله دائمًا عن أمر، ولا يتحقق، فييأس ويحزن، ويتصور أن الله عز وجل لم يستجب له، بينما هو سبحانه منع عنه بلاء لو علم به لفجع وفزع.. والفضل في كلمتين فقط: (يا خفي اللطف نجنا).. فاللهم نجنا مما لا نعلم وأنت به أعلم يارب العالمين.
معنى أن تسلم أمرك لله
أوتدري عزيزي المسلم، معنى معنى أن تسلم أمرك لله، هو أن تحصل على كامل النعم، سواء ظاهرة أو باطنة، لكن لكي نصل إلى هذه المرحلة من التسليم لله تعالى، لا بد أولا أن نطهر قلوبنا من الذنوب والمعاصي، ولا يكون ذلك إلا بالقرب منه سبحانه، وعدم تعليقها إلا بالله وحده، لا بغيره من البشر، وأن تكون عامرة بحبه، مستسلمة، خاضعة له، قلوب ساجدة لله راضية بقضائه وقدره.. فما أجمل القلب عندما يكون حديقة مزهرة، ثمارها حب الله وطاعته، عندها فقط سيرى كل ما حوله جميلًا، وكل بلاء يمر به سيكون جسر عبور لحياة أنقى وأطهر.. فإنما جزاء التسليم لله عز وجل جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين، قال تعالى في كتابه الحكيم: « أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ » (آل عمران: 142).
اقرأ أيضا:
غض البصر طريقك لصفاء الذهن وراحة القلب ورضا الرب .. تعرف على فوائدهلطف الله بنا
أتصدق عزيزي المسلم، أنه لولا لطف الله عز وجل بنا لكنا في مكانة مختلفة، مؤكد أقل أمانًا وهدى ورحمة، لكن الله يلطف بنا ربما لأننا مازلنا نحمل معاني التوحيد ونردد في 5 صلوات، لا إله إلا الله محمد رسول الله، فقد تمر بك بعض الظروف الصعبة والأحوال العصيبة، فلا تضجر منها، ولا تيأس من زوالها، بل ابتهج بها لعلها مكفرات للذنوب مطهرات للقلوب، وانتظر بعدها كرم الرب العلي القدير، والتمس من أحداثها لطفه الخفي، وتأمل قوله تعالى ليوسف عليه السلام بعد كل الابتلاءات التي وقعت له: « إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ » (يوسف: 100).