من أكثر أسباب ضعف المناعة الإيمانية التي تؤدي لحالة الشطط التي ترتد بالمؤمن إلى الوراء، غلبة الفيروسات الشيطانية على قلب المؤمن وسلامة صدره، من خلال الوقوع في مسالك إبليس واتباعه شيئًا فشيئًا، بعد أن نذر نفسه وبذل عمره لإغواء بني آدم.

 قال تعالى: “قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ * قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ” (الأعراف: 14 ـ 17).

وقال تعالى: “قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ * قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ” (الحجر: 36 – 40).

فانظر كيف يقعد الشيطان لك في مواجهة صراطك المستقيم، وانظر كيف ينشر فيروساته في مقابلة مناعتك الإيمانية، حتى تغرس قدمك واحدة تلو الأخرى في وحل المعصية، بالرغم من أن القرآن الكريم كشف لنا مداخل الشيطان وخططه في إضلال بني آدم وخططه التي تعتمد على:

1 ـ الأمر بالفحشاء

قال تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ” (البقرة : 168 ـ 169).

2 ـ تزيين الأعمال الباطلة والمحرمة:

قال تعالى: “فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ” (الأنعام : 43)، وتزيين الشيطان للناس أعمالهم على قسمين: فردي وجماعي، فالفردي كما في الآية السابقة من تزيين الشيطان لفرعون عمله، وأما التزيين الجماعي كما في قوله تعالى: “وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ” (العنكبوت: 38).

3 ـ الخديعة:

قال تعالى: “الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً” (البقرة : 268). وقد فسر ابن كثير: الفحشاء بالأمر بالمعاصي والمآثم والمحارم ومخالفة الخالق.

4 ـ الهوى:

ومن الناس من يضله الشيطان بعد أن كان قد عرف الإيمان وذاقه، وقد صور الله حالة هذا الذي استهواه الشيطان بعد أن كان مؤمناً فيقول، قال تعالى: “قُلْ أَنَدْعُومِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَىَ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ” (الأنعام: 71).

5ـ الغفلة:

من أسباب الضلال غفلة الناس عن الأدلة الموصلة إلى الحق والهدى وعدم النظر فيها: قال تعالى: “إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ * إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمُ النُّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ” (يونس: 6 – 8).

اقرأ أيضا:

مع ارتفاع درجة الحرارة احرص على هذه العبادة الرائعة.. سقي الماء

7 فيتامينات لتقوية مناعتك الإيمانية

الإيمان يزيد وينقص في قلب المؤمن، خاصة وأن الشيطان كما بين ربنا قد قعد لنا صراطنا المستقيم، ووعد بغوايتنا، إلى يوم الدين، لذلك إذا ضعف جهاز المناعة الإيماني في قلبك، انتصر عليك الشيطان من خلال بث سمومه وفيروساته في قلبك، حتى أتم غوايتك وسيطر عليك، فكيف تنشط جهازك المناعي في مواجهة الشيطان؟:

أولا: التوبة والاستغفار وكثرة الذكر:

فالإكثار من الاستغفار والتوبة عن المعصية، من أهم أسباب تقوية المناعة، فاحرص على تجديد التوبة باستمرار كل يوم وليلة، قال رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “مَنْ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ؛ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ”.

ثانيًا: الابتعاد فورًا عن الكبائر:

والكبائر معروفة والطريق إليها خطير، فيجب عليك أن تبتعد عن كل طريق يؤدي بك إلى الكبيرة، بدءا من أول النظر إلى النساء في الطرقات والتي توغل بك في طريق الزنا وهي إحدى الكبائر، ومرورا بكل معصية أو صغير تسلك بك نفس المسلك إلى الملهكات التي حذر منها النبي صلى الله عليه سولم مثل السرقة وشرب الخمر وغيرها، فكلها كبائر تبدأ من صغائر الذنوب مثل التدخين وقبول الرشوة في صورة ما يسمى بالإكرامية، وتصل بك في النهاية لارتكاب الكبيرة.

ثالثًا: الإكثار من الوضوء:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات: قالوا: بلى يا رسول الله قال: إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط” (رواه مسلم).

 ومعنى إسباغ الوضوء على المكاره؛ أي الوضوء في البرد القارس والذي يؤلم الجسد.

 وعن عثمانَ بن عفانَ قال: قَالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: منْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوضوءَ، خَرَجَت خَطَايَاهُ مِنْ جسَدِهِ حتَّى تَخْرُجَ مِنْ تحتِ أَظفارِهِ (رواه مسلم).

رابعًا: الحفاظ على الصلاة:

كثرة الخطى إلى المساجد أكثر ما يقوي مناعتك ضد الشيطان، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إلَى اللهِ؟ “قَال الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا” قَالَ ثُمَّ أَيُّ؟ “قَالَ: بِرُّ الوَالِدَين” قَالَ ثُمَّ أَيُّ؟ “قَالَ: الجِهَادُ فِي سَبِيْلِ اللهِ “قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ رَسُولُ الله ﷺ ولَوِ اسْتَزَدْتُّهُ لَزَادَنِي. (متفق عليه).

خامسًا: الإكثار من الصدقات:

جاء في جامع العلوم والحكم للحافظ ابن رجب الحنبلي: “إِنَّ صَدَقَةَ السَّرِّ لَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَتَدْفَعُ مَيْتَةَ السُّوءِ” وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ الْخُبْزَ عَلَى ظَهْرِهِ بِاللَّيْلِ، يَتْبَعُ بِهِ الْمَسَاكِينَ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، وَيَقُولُ: “إِنَّ الصَّدَقَةَ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ.”

سادسًا: صوم رمضان وعدم التفريط في يوم واحد منه.

فالصيام جنة كما دلنا النبي صلى الله عليه وسلم، أي وقاية لنا في مواجهة مسالك الشيطان، وقد فرط الكثير منالمسلمين في الصيام رغم كونه عبادة عظيمة بين العبد وربه، وذلك بمبررات واهية، أصبحنا معها نرى شباب في ريعان قوتهم وحيويتهم يفطرون عمدا في نهار رمضان بمبررات وبدون مبررات.

سابعًا: اختيار الصديق والصحبة الصالحة

فاختيار الصحبة الصالحة تدلك على الخير والذكر والمداومة على الطاعة، فتخير صاحبك، الذي يأخذ بيدك للجنة.