كان خباب بن الأرت رضي الله عنه من أوائل الصحابة والسابقين إلى الإسلام ، فكان سادس ستة أسلموا على وجه الأرض اختلف في نسبه، فقيل: هو خزاعي، وقيل: هو تميمي، ولم يختلف أنه حليف لبني زهرة، والصحيح أنه تميمي النسب، لحقه سباء في الجاهلية، فاشترته امرأة من خزاعة وأعتقته، وكانت من حلفاء بني عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة، فهو تميميّ بالنسب، خزاعيّ بالولاء، زهري بالحلف، وهو خباب بن الأرت بن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، كان قينا يعمل السيوف في الجاهلية، فأصابه سبى فبيع بمكة، فاشترته أم أنمار بنت سباع الخزاعية، وأبوها سباع حليف بني عوف بن عبد عوف ، وَسِبَاعٌ هُوَ الَّذِي بَارَزَهُ حَمْزَةُ يَوْمَ أُحُدٍ.
وَكَانَ إِسْلَامُ خبّاب قَدِيمًا، قِيلَ: سَادِسُ سِتَّةٍ قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم دَارَ الْأَرْقَمِ، فَأَخَذَهُ الْكُفَّارُ وَعَذَّبُوهُ عَذَابًا شَدِيدًا، فَكَانُوا يُعَرُّونَهُ وَيُلْصِقُونَ ظَهْرَهُ بِالرَّمْضَاءِ ثُمَّ بِالرَّضْفِ، وَهِيَ الْحِجَارَةُ الْمُحْمَاةُ بِالنَّارِ، وَلَوَوْا رَأْسَهُ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ إِلَى شَيْءٍ مِمَّا أَرَادُوا مِنْهُ، كَانَ أَبُو خباب سَوَادِيًّا مِنْ كَسْكَرَ، فَسَبَاهُ قَوْمٌ مِنْ رَبِيعَةَ، وَحَمَلُوهُ إِلَى مَكَّةَ فَبَاعُوهُ مِنْ سِبَاعِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى الْخُزَاعِيِّ حَلِيفِ بَنِي زُهْرَةَ ، وقيل إن خباب رجل من العرب من بني سعد بْن زَيْد مناة بْن تميم، ويكنى أبا عبدالله نسبة إلى ابنه عبدالله بن خباب صاحب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وثقته، وقيل إن خبابا كان يكنى أبا يحيى، وقيل: يكنى أبا محمد.
وخباب بن الأرت رضي الله عنه هو أول من أظهر إسلامه من الصحابة، وكان في الجاهلية قينا يعمل السيوف، بمكة، ولما أسلم استضعفه المشركون فعذبوه ليرجع عن دينه، فصبر، إلى أن كانت الهجرة، فقد كان المسلمون في أول الدعوة الإسلامية ضعفاء، وقد تحملوا شتى أنواع العذاب من المشركين، ومن هؤلاء خباب بن الأرتِّ، فعندما جاء الأمر بإظهار الدعوة، جهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإسلام، وتبعه بعض الصحابة، منهم: خباب، وصهيب، وبلال، وعمار، وسمية أم عمار، فأما رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فمنعه اللَّه بعمه أَبِي طالب ، ولم يستطع أحد من التعرض إليه، وأما الآخرون فألبسوهم أدراع الحديد، ثم صهروهم في الشمس، فبلغ منهم الجهد ما شاء اللَّه أن يبلغ من حر الحديد والشمس، قال الشعبي: إن خبابا صبر ولم يعط الكفار ما سألوا، فجعلوا يلزقون ظهره بالرضف، حتى ذهب لحم متنه، وفي هذا يظهر لنا صبره وإيمانه على ما تلقاه من أذىً من المشركين.
كان الخباب من المدافعين عن الإسلام وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمجاهدين في سبيل الله، فحين جهز النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم لمعركة بدر ترى خبابا من الأوائل الذين سلّوا سيوفهم ضد الشرك وأهله، فقد أجمعت الروايات على أن خبابًا شهد بدرا وأبلى فيها بلاءً حسنًا، وشهد ما بعدها من المشاهد مع النبي صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
اقرأ أيضا:
من عجائب المروءة.. "عمرو بن العاص" يستقبل أهل مصر على دابة هزيلةاقرأ أيضا:
مواعظ مبكية بين عمر بن عبد العزيز والخليفة سليمان